أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ضابطه، والأصل فيه]

صفحة 141 - الجزء 2

هذا باب الاشتغال⁣(⁣١)

[ضابطه، والأصل فيه]

  إذا اشتغل فعل متأخّر بنصبه لمحلّ ضمير اسم متقدّم عن نصبه للفظ ذلك


(١) أركان الاشتغال ثلاثة: مشغول عنه، وهو الاسم المتقدم، ومشغول، وهو الفعل المتأخر، ومشغول به، وهو الضمير الذي تعدى إليه الفعل بنفسه أو بالواسطة، ولكل واحد من هذه الثلاثة شروط لا بد من بيانها:

فأما شروط المشغول عنه - وهو الاسم المتقدم كما قلنا - فخمسة:

الأول: أن يكون غير متعدد لفظا ومعنى، بأن يكون واحدا نحو زيدا ضربته، أو متعددا في اللفظ دون المعنى نحو زيدا وعمرا ضربتهما؛ لأن العطف جعل الاسمين كالاسم الواحد، فإن تعدد في اللفظ والمعنى - نحو زيدا درهما أعطيته - لم يصح.

الثاني: أن يكون متقدما، فإن تأخر - نحو ضربته زيدا - لم يكن من باب الاشتغال، بل إن نصبت زيدا فهو بدل من الضمير، وإن رفعته فهو مبتدأ خبره الجملة التي قبله، وكأنك قلت: زيد ضربته.

والثالث: قبوله الإضمار؛ فلا يصح الاشتغال عن الحال والتمييز، ولا عن المجرور بحرف يختص بالظاهر كحتى.

والرابع: كونه مفتقرا لما بعده؛ فنحو «جاء زيد فأكرمه» ليس من باب الاشتغال؛ لكون الاسم مكتفيا بالعامل المتقدم عليه.

والخامس: كونه صالحا للابتداء به، بألا يكون نكرة محضة؛ فنحو قوله تعالى:

{وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها} ليس من باب الاشتغال، بل {رَهْبانِيَّةً} معطوف على ما قبله بالواو، وجملة {ابْتَدَعُوها} صفة.

وأما الشروط التي يجب تحققها في المشغول - وهو الفعل المتأخر كما قلنا - فاثنان:

الأول: أن يكون متصلا بالمشغول عنه، فإن انفصل منه بفاصل لا يكون لما بعده عمل فيما قبله لم يكن من باب الاشتغال، وسيأتي توضيح هذا الشرط في الأصل.

والثاني: كونه صالحا للعمل فيما قبله، بأن يكون فعلا متصرفا أو اسم فاعل مستكمل لشروط عمله أو اسم مفعول مستكمل لشروط عمله، فإن كان حرفا أو اسم فعل أو صفة مشبهة أو فعلا جامدا كفعل التعجب لم يصح.

وأما الذي يجب تحققه في المشغول به فشرط واحد، وهو ألا يكون أجنبيا من المشغول عنه؛ فيصح أن يكون ضمير المشغول عنه نحو زيدا ضربته أو مررت به، =