[التحذير بغير «إيا»]
[التحذير بغير «إيا»]
  وإن ذكر المحذّر بغير لفظ (إيّا) أو اقتصر على ذكر المحذّر منه، فإنما يجب الحذف إن كرّرت أو عطفت، فالأوّل نحو: (نفسك نفسك) والثّاني نحو: (الأسد الأسد) و {ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها}(١)، وفي غير ذلك يجوز الإظهار، كقوله:
  [٤٥٨] -
  خلّ الطّريق لمن يبني المنار به
(١) سورة الشمس، الآية: ١٣.
[٤٥٨] - هذا الشاهد من كلام جرير بن عطية، من قصيدة يهجو فيها عمر بن لجأ التيمي، وما ذكره المؤلف ههنا هو صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر
اللغة: (خل) فعل أمر من التخلية، ومعناه اترك وذر ودع (الطريق) المراد منه هنا سبيل المجد والشرف والمكرمات، وكأنه يقول: ما لك ولسبيل المكارم والمحامد تسلكها ولست من أهلها (المنار) هي علامات توضع في الطريق يهتدي بها السالكون، وفي الحديث: «إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق»، وقال العيني - وتبعه الصبان والشيخ خالد - إن المنار حدود الأرضين، وليس بشيء (وابرز) اظهر (برزة) اسم أم عمر بن لجأ الذي يهجوه (اضطرك القدر) ألجأك المقدور الذي لا يغالب.
الإعراب: (خل) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (الطريق) مفعول به (لمن) اللام حرف جر، ومن: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلق بخل (يبني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة (المنار) مفعول به ليبني (به) جار ومجرور متعلق بيبني، وجملة يبني وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول (وابرز) الواو عاطفة، ابرز: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (ببرزة) جار ومجرور متعلق بابرز (حيث) ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بابرز (اضطرك) اضطر: فعل ماض، وضمير المخاطب مفعوله. و (القدر) فاعله، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها.
الشاهد فيه: قوله: (خل الطريق) حيث أظهر العامل وهو قوله: (خل) في التحذير؛ لأن المحذر غير متكرر ولا معطوف عليه - وهو قوله: (الطريق) - وهذا الشاهد من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٢٧) قال الأعلم: (الشاهد فيه إظهاره الفعل قبل الطريق والتصريح به؛ ولو أضمر لكان حسنا) اه.