فصل في لو
  {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ}(١) أو (يودّ) نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ}(٢)، ومن القليل قول قتيلة(٣)
  [٥١٨] -
  ما كان ضرّك لو مننت، وربّما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
= يشمل: أحب، واختار، وتمنى، وود، ويود، لكن السماع عن العرب إنما ثبت في ود ويود، ثم إن ادعاء أن أحب واختار يفهمان التمني مما لا تقوم عليه حجة، فإن كل واحد من هذين الفعلين ليس مرادفا لتمنى، ولا لازما لمعناه، فكم من الأشياء التي يحبها الإنسان ولا يتمنى حصولها: إما لكونه حاصلا عنده بالفعل، وإما لما عسى أن يكون معلوما له من العوارض التي تمنع تمنيه.
(١) سورة القلم، الآية: ٩
(٢) سورة البقرة، الآية: ٩٦
(٣) مثل قول الأعشى، وقيل: هو من قول القطامي:
وربّما فات قوما جلّ أمرهم ... من التّأنّي، وكان الحزم لو عجلوا
وقول امرئ القيس:
تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا ... عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي
فإن (لو) وما دخلت عليه في تأويل مصدر، وهذا المصدر في بيت الأعشى خبر كان، والتقدير، وكان الحزم عجلتهم، وهو في بيت امرئ القيس بدل اشتمال من ياء المتكلم المجرورة محلّا بعلى، والتقدير: عليّ حراصا على إسرار مقتلي.
[٥١٨] - هذا بيت من الكامل، وهو - كما قال المؤلف - من كلمة تقولها قتيلة بنت الحارث، وكان النبي صلوات اللّه وسلامه عليه قد أمر بقتل أخيها النضر بن الحارث بعد غزاة بدر.
اللغة: (ضرك) عاد عليك بالضر (مننت) أنعمت وتفضلت، وتقول (من فلان على الأسير) إذا أنعم عليه واستبقاه على الحياة ولم يقتله، سواء أخذ منه فداء على ذلك أم لم يأخذ، وقد خص العرف الشرعي المن على الأسارى بإطلاق سراحهم من غير فداء (الفتى) هو هنا الرجل الكريم (المغيظ) هو اسم المفعول من (غاظ فلان فلانا يغيظه غيظا) إذا أغضبه وأحنقه وأثاره (المحنق) بضم الميم وسكون الحاء وفتح النون - اسم المفعول من (أحنق فلان فلانا) إذا أغضبه أيضا، والغيظ أشد من الحنق.
الإعراب: (ما) اسم استفهام مبتدأ مبني على السكون في محل رفع (كان) زائدة (ضرك) ضر: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه =