فصل في عكس ذلك
  وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع، وكانت لام الجمع همزة أو ياء أو واوا.
  وخرج باشتراط العروض، نحو: المرآة والمرائي؛ فإن الهمزة موجودة في المفرد لأنّ المرآة مفعلة من الرّؤية، فلا تغيّر في الجمع، وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو: صحائف وعجائز ورسائل؛ فلا تغير الهمزة في شيء من ذلك أيضا.
  وأما ما حصل فيه ما شرطناه فيجب فيه عملان: قلب كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبها ياء في ثلاث مسائل، وهي: أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصلية، أو منقلبة عن واو(١). وواوا في مسألة واحدة، وهي: أن تكون لام الواحد واوا ظاهرة.
  مثال ما لامه همزة خطايا، أصلها خطايئ - بياء مكسورة هي ياء خطيئة وهمزة بعدها هي لامها - ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف، فصار خطائئ - بهمزتين - ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء، لما سيأتي من أنّ الهمزة المتطرّفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنّك بها بعد المكسورة؟ ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتّخفيف؛ إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة، نحو: مدارى وعذارى في المداري والعذاري، قال:
  [٥٦٨] -
  ويوم عقرت للعذارى مطيّتي
(١) هذا هو الصواب، وفي جميع أصول الكتاب «أو واو منقلبة عن ياء».
[٥٦٨] - هذا الشاهد من كلام امرئ القيس في معلقته، والذي أنشده المؤلف وصدر بيت من الطويل، عجزه قوله:
فيا عجبا من كورها المتحمّل
اللغة: «عقرت» أراد هنا الذبح، وأصل العقر أن يعمد أحدهم إلى قوائم الناقة فيضربها بسيفه حتى لا تقوى على مقاومة الذابح لها «للعذارى» العذارى: جمع عذراء وأراد بها الشابة الفتية البكر «مطيتي» المطية: كل ما يرتحله المسافر، فعيلة من المطو وهو السير أو من المطا وهو الظهر «كورها» الكور، بضم الكاف، رحل الناقة بأداته.
الإعراب: «ويوم» الواو عاطفة، يوم: معطوف على ما قبلها «عقرت» فعل ماض وفاعله «للعذارى» جار ومجرور متعلق بقوله عقرت «مطيتي» مطية: مفعول به لعقرت، ومطية مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «فيا عجبا» يا: حرف نداء، عجب: منادى منصوب =