أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الإبدال

صفحة 340 - الجزء 4

  ففعل ذلك هنا أولى، ثم قلبت الياء ألفا؛ لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، فصار خطاءا - بألفين بينهما همزة - والهمزة تشبه الألف، فاجتمع شبه ثلاث ألفات،


= مرفوعات، وتقول «استشزر الشيء» تريد أنه ارتفع، وتقول «استشزرت الشيء» تريد أنك رفعته، وقد ضرب علماء البلاغة هذه اللفظة مثلا للألفاظ غير الفصيحة لما فيها من تنافر الحروف وهو وصف فيها يوجب ثقلها على اللسان وعسر النطق بها «إلى العلى» يريد إلى ما فوق «تضل» تغيب ولا تظهر «المدارى» جمع مدرى، وهو - كما قال ابن الأثير - شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأقول منه يسرح به الشعر المتلبد ويستعمله من لم يكن له مشط، ومثله المدراة بزنة المصفاة، وقال الشاعر في مثل معنى البيت:

تهلك المدراة في أكنافه ... وإذا ما أرسلته يغتفر

ومن روى «تضل العقاص» فالعقاص، على هذه الرواية، جمع عقيصة، وهو ما جمع من الشعر ففتل تحت الذوائب، ويروي «يضل العقاص» بياء المضارعة، على أن العقاص مفرد كالكتاب «مثنى» هو الشعر الذي فتل بعضه على بعض «ومرسل» أي مسرح غير مفتول ولا معقوص.

المعنى: وصف شعرها بشدة السواد وبالوفرة والكثرة، حتى إنها لتجعل بعضه معقوصا أي مضفورا أي ملويا وبعضه مفتولا وبعضه مرسلا، وإن المدارى تغيب فيما ثني منه أو فتل، أو إن الجزء المضفور منه ليغيب ولا يظهر في المثنى منه أو المفتول، وهذه أمارة الكثرة الزائدة.

الإعراب: «غدائره» مبتدأ ومضاف إليه «مستشنررات» خبر المبتدأ «إلى العلى» جار ومجرور متعلق بمستشزرات «تضل» فعل مضارع «المدارى» فاعل تضل «في مثنى» جار ومجرور متعلق بقوله تضل «ومرسل» معطوف على مثنى.

الشاهد فيه: قوله «المدارى» بفتح الراء المهملة، وأصله بكسر الراء المهملة والياء، فلما أراد أن يخفف الكلمة فتح الراء فصارت الياء متحركة مفتوحا ما قبلها فانقلبت ألفا، والاسم الذي فعل الشاعر هذا في جمعه صحيح، ومن هنا نعلم أن العرب قد يريدون تخفيف بعض الكلمات، فتعلم أنهم حين قالوا في جمع خطيئة خطايا قد أرادوا التخفيف بقلب الكسرة التي بعد ألف الجمع فتحة بعد ما ذكره المؤلف من الأعمال، وترتب على هذا ما ذكره بعده من الأعمال، نظير ما ألمحنا إليه في شرح الشاهد السابق.