أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أسباب حذف الفاعل]

صفحة 121 - الجزء 2

  [٢٢٤] -

  علّقتها عرضا، وعلّقت رجلا ... غيري، وعلّق أخرى ذلك الرّجل


= غير أنها على كثرتها وتعددها لا تخلو من أن تكون راجعة إلى اللفظ أو تكون راجعة إلى المعنى:

فأما الأسباب الراجعة إلى اللفظ فإن أهمها ثلاثة أسباب:

الأول: قصد المتكلم إلى الإيجاز في العبارة، ومن أروع أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ}

الثاني: المحافظة على السجع في الكلام المنثور، نحو قولهم «من طابت سريرته، حمدت سيرته» إذ لو قيل: «حمد الناس سيرته» لاختلف إعراب الفاصلتين، وهم يحافظون على إعراب الفواصل مثل محافظتهم على إعراب القوافي.

الثالث: المحافظة على وزن الشعر في الكلام المنظوم، نحو بيت الأعشى الذي أنشده المؤلف، فأنت تراه قد بنى «علق» في هذا البيت للمجهول ثلاث مرات، ولو أنه ذكر الفاعل في كل مرة منها أو في بعضها لما استقام له الوزن.

وأما الأسباب المعنوية فكثيرة أيضا، ولكن أهمها سبعة أسباب:

الأول: كون الفاعل معلوما للمخاطب حتى لا يحتاج إلى ذكره، ومن ذلك قوله تعالى:

{خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} وقول سبحانه: {وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}.

الثاني: كون الفاعل مجهولا للمتكلم فهو لا يستطيع أن يبينه بيانا واضحا يعينه، كقولك «سرق متاعي» فأنت تقول هذا حين لا تعرف السارق، ولو ذكرته بوصف عام يفهم من الفعل كأن تقول «سرق اللص متاعي» أو «سرق سارق متاعي» لم يكن في ذلك فائدة زائدة على ما تذكره من العبارة المحذوف فيها الفاعل.

الثالث: رغبة المتكلم في الإبهام على السامع، نحو قولك: «تصدق بألف دينار».

الرابع: رغبة المتكلم في إظهار تعظيمه للفاعل، إما بصون اسم الفاعل عن أن يجري على لسان المتكلم، وإما بصون اسم الفاعل عن أن يقترن بالمفعول به في الذكر، نحو أن تقول: «خلق الخنزير».

الخامس: رغبة المتكلم في إظهار تحقير الفاعل بصون لسانه عن أن يجري بذكره.

السادس: خوف المتكلم على الفاعل إذا كان يتوقع أن يناله أحد بمكروه.

السابع: خوف المتكلم من الفاعل إذا كان جبارا ينال الناس بأذاه.

[٢٢٤] - هذا البيت من البسيط، وهو البيت الخامس عشر من لامية الأعشى ميمون بن قيس التي أولها: =