[ينوب عن الفاعل واحد من أربعة]
  ولنا قولهم: «سير بزيد سيرا» وأنه إنما يراعى محل يظهر في الفصيح، نحو:
  «لست بقائم ولا قاعدا» بخلاف نحو: «مررت بزيد الفاضل» بالنصب، أو: «مرّ بزيد الفاضل» بالرفع، فلا يجوزان، لأنه لا يجوز: «مررت زيدا» ولا: «مرّ زيد» والنائب في الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم كان، وهو المكلّف، وامتناع الابتداء لعدم التجرّد، وقد أجازوا النيابة في: «لم يضرب من أحد» مع امتناع: «من أحد لم يضرب» وقالوا في: {وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً}(١): إن المجرور فاعل مع امتناع: «كفت بهند»(٢).
(١) سورة النساء، الآية: ٧٩.
(٢) حاصل ما ذكره المؤلف في هذا الموضوع أن النحاة قد اختلفوا في نيابة الجار والمجرور عن الفاعل، فقال الجمهور: تجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل، وقال جماعة من النحاة منهم ابن درستويه، والسهيلي، وأبو علي الرندي: لا ينوب الجار والمجرور عن الفاعل، وكل موضع زعمتم أن الجار والمجرور نائب عن الفاعل فيه، فإن النائب على الحقيقة هو ضمير مستتر فيه يعود إلى مصدر الفعل.
واستدل هؤلاء على ما ذهبوا إليه بأربعة أدلة:
الدليل الأول: أنه لو كان الجار والمجرور نائبا عن الفاعل لجاز أن يجيء التابع لهذا المجرور - نعتا أو عطف بيان - مرفوعا، كما أنه إذا جر الفاعل بإضافة المصدر مثلا جاز في تابعه الرفع، كما في قول الشاعر:
طلب المعقّب حقّه المظلوم
فإنه يروى برفع المظلوم الذي هو نعت للمعقب المجرور بإضافة طلب إليه لكون المعقب فاعلا للمصدر فهو مرفوع المحل وإن كان مجرور اللفظ، وأنت لو قلت «مر بزيد الظريف» لم يجز لك أن ترفع الظريف، ولو كان نائبا عن الفاعل لجاز.
الدليل الثاني: أن الجار والمجرور يتقدم على العامل الذي يتطلب نائب فاعل، نحو قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا} ولو كان نائبا عن الفاعل لما جاز أن يتقدم على العامل فيه، كما أن الفاعل لا يجوز أن يتقدم على الفعل العامل فيه.
الدليل الثالث: أن الجار والمجرور لو تقدم لم يصح جعله مبتدأ، ونحن نعلم أن كل ما ينوب عن الفاعل لو تقدم على الفعل العامل فيه لكان مبتدأ، فلما لم يصح جعل الجار =