هذا باب النائب عن الفاعل
  وقد تبيّن أن في النظم أمورا، وهي:
= أخي مجاشع بن دارم، ومجاشع بن دارم هم رهط الفرزدق «بالجو» أصل الجو في العربية ما اتسع من الأودية، ثم خص بمكان معين، وقد سموا به عدة أمكنة: فسموا ناحية من اليمن الجو، وسموا مكانا في بلاد عبس الجو، وسموا قرية لبني ثعلبة بن درماء الجو، وفي معجم ياقوت ذكر لكثير من الأمكنة سميت بهذا الاسم فارجع إليه إن طلبت المزيد «كراما» الكرام: جمع كريم، والمراد به كرم النسب «مواليها» الموالي:
جمع مولى، والمراد به هنا من ليس من القبيلة صليبة، بل هو لصيق بهم إما بحلف أو عتاقة، والعرب تتهم الموالي بكل نقيصة، وفي ذلك يقول قائلهم:
ألا من أراد الزّور والفحش والخنى ... فعند الموالي الجيد والكتفان
فإذا عد موالي هذه القبيلة كراما - مع ما في الموالي من الخمسة والنقيصة - فما أشد خسة أبنائها وما أشنع نقائصهم «لئيما» يروى في مكانه «لئاما» وهو أتم مقابلة لقوله: «كراما مواليها» والصميم في الأصل: الخالص من كل شيء ولبابه، وأراد هنا الذين هم من هذه القبيلة صليبة، ويجوز أن يكون قد أراد بالموالي ضعاف القوم وعجزتهم ومن لا يقوم بشأن نفسه منهم، ويكون قد أراد بالصميم رؤساء العشائر وسادتها.
المعنى: يهجو بني عبد اللّه بن دارم بأنهم قد صارت أمورهم إلى انعكاس، فصار الأتباع سادة قادة رؤساء والمتبوعون رعاعا أذنابا تبعا مسودين.
الإعراب: «نبئت» نبئ: فعل ماض مبني للمجهول، وتاء المتكلم نائب فاعل، وهو المفعول الأول «عبد» مفعول ثان، وعبد مضاف و «اللّه» مضاف إليه «بالجو» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من عبد اللّه، أو متعلق بأصبحت «أصبحت» أصبح:
فعل ماض ناقص، والتاء حرف دال على تأنيث المسند إليه «كراما» خبر أصبح تقدم على اسمه «مواليها» موالي: اسم أصبح تأخر عن خبره، وهو مضاف والضمير مضاف إليه، ويجوز أن يكون اسم أصبح ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هي يعود إلى عبد اللّه، وأنث باعتبار القبيلة، ويكون «كراما» خبر أصبح و «مواليها» على هذا فاعل بكرام «لئاما» معطوف على قوله: «كراما» بعاطف مقدر «صميمها» فاعل بلئام ومضاف إليه، أو معطوف بذلك المقدر على قوله: «مواليها» والعطف على معمولي عامل واحد جائز اتفاقا.
الشاهد فيه: قوله: «نبئت» حيث أناب المفعول الأول الذي هو تاء المتكلم عن الفاعل، ولم ينب الثاني أو الثالث، وذلك هو الوارد بكثرة في الاستعمال العربي. =