أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المستثنى بليس ولا يكون]

صفحة 249 - الجزء 2

  البعض المدلول عليه بكله السابق، فتقدير: «قاموا ليس زيدا»: ليس القائم، أوليس بعضهم، وعلى الثاني فهو نظير: {فَإِنْ كُنَّ نِساءً}⁣(⁣١) بعد تقدّم ذكر الأولاد⁣(⁣٢).

  وجملتا الاستثناء في موضع نصب على الحال، أو مستأنفتان فلا موضع لهما⁣(⁣٣).


= في الكلام السابق فعل، وقد عرفت جوابه في الكلام على قول سيبويه، وثانيهما أن في هذا التقدير مضافا محذوفا لم يلفظ به في كلام قط.

(١) سورة النساء، الآية: ١١.

(٢) صدر هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} وهذا اللفظ الكريم شامل للذكور والإناث من الأولاد، أما أولا فلأن لفظ الولد يشمل الذكر والأنثى لغة، وأما ثانيا فلأنه سبحانه يقول بعد ذلك {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فيكون قوله جل ذكره {أَوْلادِكُمْ} معناه الذكور والإناث، وقوله سبحانه بعد ذلك {فَإِنْ كُنَّ نِساءً} تعود النون من (كن) على بعض من تقدم ذكره في صدر الآية، وكأنه قيل: فإن كن أي الإناث من أولادكم نساء، فهذا وجه تشبيه القول بأن مرجع الضمير المستتر في ليس ولا يكون هو البعض المفهوم من الكل السابق بهذه الآية.

فإن قال قائل: فإني لا أجد فائدة في قول القائل: فإن كن الإناث نساء، لأنه لا يكون النساء إلا إناثا.

فالجواب على هذا بأن الفائدة لم تتم عند قوله: (نساء) وإنما تمت بما ذكر بعده من الظرف وهو قوله جل ذكره {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} وإنما ذكر قوله: {نِساءً} توطئة وتمهيدا لذكر هذا الوصف، وليس في ذلك شيء غريب، فإن التمهيد والتوطئة المشار إليها تجري كثيرا في باب الخبر وفي باب النعت وفي باب الحال. ومن جريان التوطئة في باب الخبر - سوى هذه الآية - قوله تعالى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ومن مجيئها في باب الحال قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} وقوله جلت كلمته {وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا} وقوله سبحانه: {وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} والنحاة يسمون هذه الحال (الحال الموطئة).

(٣) على أن جملة الاستثناء حال يكون تقدير الكلام: جاؤوا مجاوزين زيدا، وقد اعترضوا على اعتبار جملة (ليس زيدا) وجملة (لا يكون زيدا) حالا من المستثنى منه بأنه ليس بين هاتين الجملتين والمستثنى منه رابط مما يربط جملة الحال بصاحبها - وهو =