هذا باب المستثنى
  ولهذا دخلت نون الوقاية، وموضع الموصول وصلته نصب: إما على الظرفية على حذف مضاف، أو على الحالية على التأويل باسم الفاعل(١)، فمعنى: «قاموا ما عدا زيدا» قاموا وقت مجاوزتهم زيدا، أو مجاوزين زيدا، وقد يجرّان على تقدير «ما» زائدة(٢).
= المؤكدة، وهو مرفوع بأن وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله (ما عداني) حيث استعمل (عدا) مسبوقة بما المصدرية؛ فوجب أن تتمحض للفعلية؛ لما ذكرناه في شرح الشاهد السابق، ومما يؤكد لك أن الشاعر نفسه عاملها معاملة الأفعال، ولم يعاملها معاملة الحروف؛ أنه ألحق بها نون الوقاية حين أراد أن يصل بها ياء المتكلم، وقد علمت أن نون الوقاية إنما تلزم مع الأفعال دون الحروف.
(١) في موضع (ما عدا زيدا) و (ما خلا زيدا) من الإعراب ثلاثة وجوه ذكر المؤلف اثنين منها:
أما الأول فحاصله أن (ما) المصدرية ومدخولها في تأويل مصدر منصوب على الظرفية الزمانية، وأصله مضاف إليه للفظ (وقت) فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فتقدير (قام القوم ما عدا زيدا) قام القوم وقت مجاوزتهم زيدا.
والثاني: أن (ما) وما دخلت عليه في تأويل مصدر يراد به اسم الفاعل، وهو حال من المستثنى منه، فتقدير قولك (قام القوم ما عدا زيدا) قام القوم مجاوزتهم زيدا، أي مجاوزين زيدا، كما قدرت المصدر الصريح حين وقع حالا باسم الفاعل نحو قولك (جاء زيد ركضا) أي راكضا، وهذا تقدير أبي سعيد السيرافي.
والثالث: أن (ما عدا زيدا) منصوب على الاستثناء، مثل انتصاب (غير) في قولك (قام القوم غير زيد) وهذا تقدير ابن خروف.
قال المحققون: والذي ينبغي اختياره هو الرأي الأول، وذلك لأن (ما عدا) في تأويل المصدر عند الجميع، والمصدر ينوب مناب ظرف الزمان بكثرة كقولك (أزورك طلوع الشمس) و (أجيئك قدوم الحاج) فأما مجيء الحال مصدرا فيحتاج البتة إلى التأويل، على أن بعض النحاة ذكر أن مجيء المصدر حالا إنما يكون في المصدر الصريح، فأما المصدر المؤول فليس له ذلك الحكم. وأما النصب على الاستثناء ففيه من التكلف ما لا يجرئ على ارتكابه.
(٢) هذا ما ذهب إليه الجرمي والربعي والكسائي والفارسي وابن جني، ولم يرتض ذلك ابن =