أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 285 - الجزء 2

  الثالثة: أن تتقدّم عليه وجوبا، كما إذا كان صاحبها محصورا، نحو: «ما جاء راكبا إلّا زيد».

  فصل: وللحال مع عاملها ثلاث حالات أيضا:


= تقول في هذا المثال (أعجبني وجه مسفرة هند) فتفصل بين المضاف الذي هو وجه والمضاف إليه الذي هو هند، بالحال الذي هو مسفرة، وقد علمت أن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة، فالفصل بينهما كالفصل بين أجزاء الكلمة الواحدة، وهو لا يجوز، وإما أن تقع قبل المضاف فكنت تقول في المثال المذكور (أعجبني مسفرة وجه هند) فكنت تقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف، وقد علمنا أن منزلة المضاف من المضاف إليه كمنزلة الموصول من الصلة، فإن الموصول يتعرف بالصلة والمضاف يتعرف بالمضاف إليه، فلما تشابهت منزلتاهما أخذ المضاف والمضاف إليه حكم الصلة والموصول، ومن حكم الصلة مع الموصول ألا يتقدم بعض معمولاتها على الموصول، فكذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف.

هذا في الإضافة المحضة كالمثال الذي صدرنا به هذا الكلام، أما المجرور بالإضافة غير المحضة - وهي اللفظية التي لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا، وإنما تفيد التخفيف أو رفع القبح - فقد قدمنا لك أن ابن مالك أجاز في شرح التسهيل تقديم الحال على صاحبها، مثال هذه الإضافة اللفظية (زيد شارب السويق ملتوتا) يجوز أن تقول ذلك، وأن تقول: زيد شارب ملتوتا السويق - بجر السويق، والفصل بين المضاف والمضاف إليه بالحال، وعلل ابن مالك ذلك الجواز بأن الإضافة اللفظية على نية الانفصال فلا يعتد بها، ولم يرتض ابنه بدر الدين هذا الكلام.

هذا، وقد اختلف النحاة: هل يجوز أن يجيء الحال من المضاف إليه في غير هذه المسائل الثلاث التي ذكرها المؤلف؟ فذهب أبو علي الفارسي إلى الجواز، ونقله عنه ابن الشجري في أماليه، وادعى ابن مالك الإجماع على أنه لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه في غير المسائل الثلاث التي ذكرها المؤلف تابعا له فيها.

ومما جاء فيه الحال من المضاف إليه وليس واحدا منها قول تأبط شرا:

سلبت سلاحي بائسا وشتمتني ... فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب

الشاهد فيه: قوله: (بائسا) فإنه حال من ياء المتكلم في سلاحي.

ومثله قول زيد الفوارس:

عوذ وبهتة حاشدون عليهم ... حلق الحديد مضاعفا يتلهّب

=