أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تقدم التمييز على عامله]

صفحة 325 - الجزء 2

  جامدا، نحو: «ما أحسنه رجلا» وندر تقدّمه على المتصرف كقوله:

  [٢٨٦] -

  أنفسا تطيب بنيل المنى

  وقاس على ذلك المازنيّ والمبرد والكسائيّ.


= تقول (طاب محمد نفسا).

ومن توسط التمييز بين العامل والمعمول قول الشاعر:

ربّ من أنضجت غيظا قلبه ... قد تمنى لي موتا لم يطع

وأما الثاني فمذهب سيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين أنه لا يجوز أن يتقدم التمييز على عامله، سواء أكان العامل اسما كما في تمييز المفرد أم كان فعلا كما في تمييز النسبة، وسواء أكان الفعل جامدا كفعل التعجب في نحو (ما أحسنه رجلا) أم كان متصرفا نحو (طاب محمد نفسا).

فأما علة امتناع تقدمه على العامل إذا كان اسما أو فعلا جامدا فظاهرة؛ لأن معمول هذين لا يتقدم عليهما في غير هذا الباب؛ فعدم جواز تقدمه هنا هو من طرد الحكم على وتيرة واحدة.

وأما إذا كان العامل فعلا متصرفا فعدم جواز تقديم التمييز عليه من جهة أن أكثر ما ورد من تمييز النسبة أصل التمييز فيه فاعل، وقد علمنا أن الفاعل لا يجوز تقديمه على فعله فما كان أصله الفاعل خليق بأن يأخذ ما استقر له.

وذهب المازني والكسائي والمبرد والجرمي إلى جواز تقديم التمييز على عامله إذا كان العامل فعلا متصرفا، وارتضى هذا القول ابن مالك في بعض كتبه، واستدلوا على ذلك بالسماع وبالقياس، أما السماع فقوله

أنفسا تطيب ... البيت

وسيأتي مع نظائره، وأما القياس فإن التمييز - وهو منصوب - كالمفعول به وسائر الفضلات، وكلهن يجوز تقديمهن على العامل إذا كان فعلا متصرفا، ولم يعبؤوا بأصله، ولم يبالوا به.

[٢٨٦] - نسبوا هذا الشاهد لرجل من طيئ، ولم يسموه، والذي ذكره في صدر بيت من المتقارب، وعجزه قوله:

وداعي المنون ينادي جهارا

اللغة: (تطيب) أي: تطمئن، و (نيل المنى) إدراك المأمول، ونيل مصدر (نال الشيء يناله نيلا ومنالا) إذا حصل عليه، و (المنى) بضم الميم - جمع منية، والمنية - بضم فسكون - اسم لما يتمناه الإنسان ويرغب فيه، و (المنون) الموت. =