مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

الباب الرابع في ذكر شيء من مسائل الفقه معتمدة عند أئمتنا $ ومختارة عندنا

صفحة 125 - الجزء 1

  المصالح العامة العائد نفعها على كافة الأمة، ولهذا جاء عن النبي ÷ أنه «يقال للعابد أدخل الجنة وحدك، فإن عبادتك إنما كانت لك وحدك، ويقال للعالم ادخل الجنة واشفع لمن شئت أن تشفع، فإن نفع عبادتك بالتعليم كان لك ولغيرك»، بخلاف الدفع إلى الفقير لمصلحة فيه خاصة: وهي سد خلته، مع أنه يمكن الأخذ بالطرفين بأخذ الإذن من الإمام.

  ولما كان التسليم إلى الإمام مستجمعاً لهذه الفضائل حرص الشيطان على ترك التسليم إليه، وقد حذر اللّه تعالى عن ذلك فقال {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة/٢]، مع أن القائم في زماننا هذا بين أناس قد أخذت الفانية بأزمة قلوبهم، وقل المؤمنون فيهم، فلا ترى من يلتفت إلى الدين، ولا إلى من يدعو إليه، ويذب عن حوزة الإسلام والمسلمين إلا بإعطاء شئ من الدنيا وإطعامه منها، وإلا ضرب عن الدين صفحاً، وطوى عنه كشحاً، وأضر بأهل الإسلام، وتابع الفجرة الطغام، فكيف يحسن عدم التحريض على شيء لم يثبت الالتزام للإمامة إلا به، وإلا صار رسم الدين خالياً من الأنيس، لم يبق منه إلا على أخبار طَسْم وجديس⁣(⁣١)، وقد استرسل الكلام والحديث ذو شجون، ولكن لا يخلو من فائدة فخذ ذلك أيها الأخ موفقاً.

  وحكمنا قد أجزنا لمن أخذ الأذن منا في صرف ثلث واجباته في مصرفها، وثلثان تسلم إلينا لنصرفها في مصارفها الشرعية، وإلا فنحن منزهون عنها، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.

  تمت الرسالة النافعة، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.


(١) طسم: قبيلة من عاد انقرضوا. وجديس كأمير: قبيلة. والصواب بالحاء المهملة. أفاده في القاموس.