مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في المحبة والكراهة]

صفحة 139 - الجزء 1

  أملك»، وقد يحب الإنسان زوجته محبة كاملة مع كونها فاسقة، وقد أوجب اللّه تعالى معاداة الفاسق وكراهيته وعدم محبته، وقال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}⁣[الروم/٢١]، فكيف الجمع بين ذلك؟

  والجواب: أن المحبة والكراهة تستعمل تارة، ويراد بها الأمر الطبيعي الجِبِلِّي، ومعناه ميل النفس بالطبع، والاستحسان للشيء، وهذا من فعل اللّه تعالى لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، ولا أمر ولا نهي، وعليه يحمل حديث: «اللّهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك»، وإن كان يجب مدافعة المقدور منه في مواضع النهي من باب «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به البأس»، ولهذا قال تعالى: {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}⁣[النساء/١٢٩]، فعلق النهي بالكل الممكن، لا بالبعض غير الممكن، وتحصيل الممكن منه في باب الأمر واجب، وتارة يستعمل ويراد به عمل القلب والجوارح الممكن للمكلف، وهذا هو الذي يتعلق به الأمر والنهي، والمدح والذم، والثواب والعقاب، ولهذا قالوا في الموالاة: أن تحب له كل ما تحب لنفسك، وتكره له كل ما تكره لها.

  ومعنى ذلك: أن تعتقد وتنوي له ذلك، ولا شك أن النية من أفعال القلوب الاختيارية، ومن جملة محبته تعظيمه بأفعال الجوارح، ورعاية حقوقه وتنزيله في منزلته، ولهذا قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}⁣[آل عمران/٣١].

  وأما قوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}⁣[الروم/٢١]، فقد جاء في التفسير أن المراد بالمودة الجماع، والرحمة الولد، وفيه شائبة من المعنى الأول، لأن ذينك مما تميل إليهما النفس، ويدل على صحة ما قلناه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ