[في النهي عن الجبن والجراءة مع كونهما من الغرائز]
  وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[البقرة/٢١٦]، واللّه أعلم.
[في النهي عن الجبن والجراءة مع كونهما من الغرائز]
  السؤال الثالث: قال عافاه اللّه: سؤال: قوله ÷: «الجبن والجراءة غريزتان يضعهما اللّه حيث يشاء»، ويقول علي #: (الجبن والبخل والحرص غرائز شتى) فكيف حسن النهي عنها مع كونها من فعل اللّه تعالى؟
  والجواب كذلك: أن الجبن والبخل والجراءة والحرص تنقسم إلى:
  غريزي ومكتسب:
  فالأول: من فعل اللّه تعالى، لا يتعلق به أمر ولا نهي، ولا ذم ولا عقاب ولا ثواب، وهو المعنى الذي لا يقدر المكلف على دفعه ولا على تحصيله، وهو أمر قلبي غريزي يحدثه اللّه تعالى، فهو سبب باعث على الجبن والجراءة الاختياريين، وهما مسببان عنه فيكون الحديث من المجاز المرسل من تسمية المسبب(١) باسم السبب.
(١) هكذا كلام الإمام # وهي كعبارة الإمام أحمد بن يحيى # في تكملة البحر، وهي مشكلة، والذي يظهر أنه من تسمية السبب الذي هو الغريزة، باسم المسبب الذي هو الجبن والجراءة، لينحل الإشكال في قوله: يضعهما اللّه حيث يشاء، فيقال: ليس المقصود بالجبن والجراءة الحقيقيين، بل الغريزة التي هي السبب المسماة جبن وجراءة مجازاً غريزتان يضعهما اللّه ... الخ، وكلام الإمامين @ ممكن أي أنه يسمى الجبن والجراءة المسببين الحقيقيين باسم سببهما الذي هو الغريزة، لكنه يبقى الإشكال في قوله: يضعهما اللّه حيث يشاء، وهذا عند التأمل واضح، وإنما أطلت الكلام لإفهام من يأخذ بأول نظر، لا سيما حين يرى عبارة الإمامين، اللذين هما حجتا عصرهما، =