مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[المؤاخذة بأفعال القلوب]

صفحة 161 - الجزء 1

  وذهبت طائفة: إلى أن العزم يتبع المعزوم في الصغر والكبر، وهذا يناسب قول الإمام المهدي # وبعض المتأخرين: أن بعض العمد ليس بكبيرة.

  وحجتهم: قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}⁣[النجم/٣٢]، وقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}⁣[النساء/٣١]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها».

  ويتأول لهم الحديث «إذا التقي المسلمان ... الخ»، وحديث: «لا يزني الزاني ... الخ»، بأنه قد فعل بعض المقدمات، لأنه قال: «التقى المسلمان»، وقال: «حين يزني».

  وذهب آخرون: إلى أن العزم إن لم يشارك المعزوم فلا قطع بكبره مطلقاً، وقول بعض المتأخرين القائلين: بأن بعض العمد ليس بكبيرة، يحتمله.

  وأدلته أدلة الذي قبله، إلا أنهم فرّقوا بين العزم والفعل، فقالوا: ما ورد الوعيد مع الحد أو لفظ يفيد العظم إلا على الفعل لا على العزم، إلا قوله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}⁣[الحج/٢٥]، فلما نص عليه كان خاصاً، وهذا القول هو الراجح، لأن الأدلة محتملة، والمسألة قطعية، فيجب التأويل لما خالف الصريح القاطع، وهو صريح الحديث «إذا هَمّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها»، وقوله {إِلَّا اللَّمَمَ}⁣[النجم/٣٢]، وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}⁣[هود/١١٤].

  فيقال: ما أذهبت الحسنة هل عمداً أو خطأ ونسياناً؟