[المؤاخذة بأفعال القلوب]
  وذهبت طائفة: إلى أن العزم يتبع المعزوم في الصغر والكبر، وهذا يناسب قول الإمام المهدي # وبعض المتأخرين: أن بعض العمد ليس بكبيرة.
  وحجتهم: قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}[النجم/٣٢]، وقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}[النساء/٣١]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها».
  ويتأول لهم الحديث «إذا التقي المسلمان ... الخ»، وحديث: «لا يزني الزاني ... الخ»، بأنه قد فعل بعض المقدمات، لأنه قال: «التقى المسلمان»، وقال: «حين يزني».
  وذهب آخرون: إلى أن العزم إن لم يشارك المعزوم فلا قطع بكبره مطلقاً، وقول بعض المتأخرين القائلين: بأن بعض العمد ليس بكبيرة، يحتمله.
  وأدلته أدلة الذي قبله، إلا أنهم فرّقوا بين العزم والفعل، فقالوا: ما ورد الوعيد مع الحد أو لفظ يفيد العظم إلا على الفعل لا على العزم، إلا قوله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج/٢٥]، فلما نص عليه كان خاصاً، وهذا القول هو الراجح، لأن الأدلة محتملة، والمسألة قطعية، فيجب التأويل لما خالف الصريح القاطع، وهو صريح الحديث «إذا هَمّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها»، وقوله {إِلَّا اللَّمَمَ}[النجم/٣٢]، وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود/١١٤].
  فيقال: ما أذهبت الحسنة هل عمداً أو خطأ ونسياناً؟