مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[المؤاخذة بأفعال القلوب]

صفحة 160 - الجزء 1

  قلت: إما أن يراد بما أخفي المعزوم عليه، ولا إشكال، لأنه اختياري، وإما أن يراد الخاطر، والمعنى المحاسبة عليه من غير معاقبة كالصغائر، وقد أسلفنا⁣(⁣١) أنه رفع عنهم.

  ومنه ما هو من فعل العبد، كالعزم، وهذا قسمان:

  ما شارك العزم المعزوم فيما هو كفر أو فسق، وهذا لا إشكال أنه قد صار كبيرة، كالاستخفاف بالنبي والقرآن، لأنه بعزمه قد دخل في الفعل نفسه.

  وإن لم يشارك العزم المعزوم فهاهنا محط الأنظار:

  فذهب بعض المتكلمين: إلى أنه معصية كبيرة إذا كان عمداً، وهو ظاهر كلام القدماء من أئمتنا $، وهو يناسب القول بأن كل عمد كبيرة، وعليه عموم قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}⁣[الجن]، وقوله ÷: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قالوا: يا رسول اللّه هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه أراد قتل صاحبه»، وقوله #: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، وغير ذلك.

  وحملوا الآية الكريمة {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}⁣[البقرة/٢٨٦]، أن ترك العزم داخل في الوسع، وأبقوا حديث «رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها»، على حديث النفس الذي لا عزم معه، وقالوا: «ما لم تقل أو تفعل» دال على أن فعل القلب كفعل الجارحة يشملها عموم الفعل.


(١) في جواب السؤال الذي قبل هذا في الكلام على قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} إلى قوله: {فرفع عنهم}.