[حول تواتر القرآءات]
  أن القراءات السبع متواترة، وخالف في ذلك الإمام يحيى والرضي والزمخشري وغيرهم، وثبت من قواعد الأئمة أن من زاد في القرآن أو نقص كفر، فهذا يقتضي تكفير من أثبت القراءة الآحادية أو قرأ بها، والمعلوم خلاف ذلك، بل لم يزل العلماء يستدلون بها وينقلونها، ولم ينقل تكفير أحد ولو كان لنقل، وأيضا يلزم أن يخطأ من عمل بها، إذ المسألة قطعية لا مجال للاجتهاد فيها، ولم يسمع ذلك، فما يقال في الخروج عن ورطة ذلك؟، ثم ما يقال فيما ينقله الإمام القاسم وغيره، عن الهادي # أنها لم تتواتر إلا قراءة نافع، قال محمد بن يحيى: وهي قراءة آبائنا، فهذا ينفي تواتر غيرها، إذ القول بتواتر القراءات السبع منا إنما هو تقليد لمن قال: بالتواتر إذ لم تتواتر لنا نحن، فمن أولى بالإتباع؟ هل من قال بتواتر القراءات السبع أو العشر كما روي؟، أو القول بتواتر قراءة نافع فقط؟.
  ثم التواتر المدعى إنما هو عن القراء السبعة، وأما عن النبي ÷ فنص الأكثر أنه لم يبلغ حد التواتر، وحينئذ فهل تصح القراءة في الصلاة بغير قراءة نافع على مذهب الهادي وأولاده أم لا يصح كما هو مفهوم من كلامه بينوا ذلك بياناً شافياً؟
  والجواب واللّه الموفق: أن الكلام في مسألة القرآءات متوقف على بيان معنى التواتر، وهو: نقل عدد عن عدد يحيل العقل تواطئهم على الكذب، فلا يلزم من التواتر لشخص التواتر لشخص آخر، كما إذا تواتر لك أن زيداً في الدار، فإنه لا يلزم أن يتواتر لعمرو مثله، ومن هاهنا وقع الاختلاف في القرآءات، حتى قال بعضهم إن القرآءات كلها أحادية وليس المتواتر إلا جوهر القرآن، وعَدّ الاختلاف