[حول تواتر القرآءات]
  يجوز له التقليد، والجاهل يعمل بمذهب من قلده، لأنها من المسائل العملية، وإن كانت قطعية فهو يجوز التقليد فيها.
  وأما أولوية التقليد: فالأئمة المشهورون من أهل البيت $ أولى من غيرهم، ومهما كان في السفينة فهو ناج، وإن كان أوسطها أحسنها.
  وأما قول السائل: إن التواتر إنما هو عن القرّاء السبعة، وأما عن النبي ÷ فنص الأكثر أنها لم تتواتر؟
  فنقول: قول القائلين لذلك نفي وقول الناقلين لذلك إثبات، وعدم العلم لا يدل على العدم، والمثبت أولى من النافي، كيف وقد قال نافع: سمعتها عن سبعين بدرياً، فلا أبالي بنحوتكم، والتواتر قد يحصل بالأربعة والخمسة كما قرر في مواضعه، وكيف والصحابة زهاء مائة ألف في نفس الحرمين دون غيرهما، ولا زال الإسلام يتكاثر، وأكثر عنايتهم فيما جاء عن اللّه تعالى على لسان رسول اللّه ÷، والصحيح أن القرآءات السبع متواترة، لأنها تقرأ في سائر الأمصار والقرى والمدن الكبار، بالقرب والبعد من الديار في جميع الأعصار، من غير اختلاف ولا إنكار حتى منعوا من إدخال اسم السورة بينه، وحتى اختلفوا في البسملة، وكان حجة أهل البيت إثباتها في المصحف، وأجمعوا على ثبوتها آية، فتواترها أبلغ من تواتر غيرها من متواتر السنة يعلم ذلك من تتبعه، حتى أثبتت في المصاحف المقروءة المشهورة في مدن الإسلام، وحتى خدمت وكتبت بماء الذهب، ولم يسمع إنكارها بل تقريرها وقرآءتها مع حرصهم على نفي أدنى زيادة، ولو قرأ قارئ بالشاذة لتسورع إلى نهيه وزجره، ثم إن اللّه تعالى يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ