[حول تعارض الأئمة الدعاة $، وفرض العامي في ذلك]
  فنقول: يصير باغياً بحرب إمام الحق أو العزم، والتأليب لحربه، وأحكام السيرة في البغاة لم تعرف إلا من سيرة أمير المؤمنين #، ولم يسمع منه أنه سمى من توقف عنه من دون إضرار باغياً، وإن كان من عرف حقية الإمام وقعد عنه آثماً، كما في حديث: «من سمع واعيتنا أهل البيت ... الخ» لكن لا يعامله معاملة الباغي.
  وقلتم: إذا فرضنا بغيهم فهل يجوز منع الميرة ونصب المنجنيق مع اختلاطهم بالنساء والصبيان؟.
  فنقول: أما إذا قد صح أنه إمام حق وأنهم بغاة جاز ذلك، لأن النبي ÷ قد فعله، والعلة المانعة من صبيان البغاة مانعة من صبيان الكفار، إذ كلهم لا ذنب له، ولأنه إذا جاز رمي الفارس مع تجويز إصابة فرسه، جاز مثل ذلك، ولأنه لو لم يقع ذلك لتعذر الجهاد، ومصلحة الجهاد عامة، وهذه مفسدة خاصة، والمصلحة العامة ترجح على المفسدة الخاصة، وهذا هو محل نظر للإمام.
  والراجح أنه إذا تعذر إلا بذلك جاز، ويحمل كلام الوصي # على الإمكان بدونه، وإلا لزم أن يتحصنوا بصبيانهم، ويبغوا في الأرض الفساد.
  وأما القصد فلا شك أنه غير جائز.
  وأما نهيه # عن البيات فليس العلة البيات بل ذلك تنبيه على تحريم القتال قبل الدعاء، لما في البيات من ظهور الغدر، قال اللّه تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}[الأنفال/٥٨]، ولأنه يجب تقديم الأخف فالأخف، والجهاد نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.