[في بقاء المعنى الحقيقي للمشتق منه]
  وما ذكره ابن الإمام من حكاية الاتفاق لا يدل على الإجماع.
  وحجة القاسم # أظهر، لأنه نظر إلى الوضع العربي الذي هو المناط في الدلالة، لا إلى المعنى المدلول عليه، وقد ذكروا أنه لا يدل على زمان وضعاً عند أهل العربية، فلو كان حقيقة في الحال لكان قد دل عليه وضعاً، كما هي حقيقةُ الحقيقة، ثم إنه قد استعمل في كلام العرب من غير ملاحظة ماض أو مستقبل، من غير نصب قرينة، إذا كان مرادهم الإشارة إلى نفس الحدث من غير إرادة إلى متعلقه، ومن تأمل كلامهم وجد ذلك شائعاً ذائعاً موضوعاً على حد وضع الحقائق، وفي كتاب اللّه من ذلك كثير كما في قوله تعالى: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}[النحل/١٧]، {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}[آل عمران/٣٩]، {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}[مريم/٣٢]، ولعل الجمهور يقولون القرينة عقلية لكن قد كثر استعماله من دون ملاحظة إليها، وإن نصبت فللتمييز بين معاني المشترك، كما ذكرنا، لا للمجاز، والأصل في الإطلاق الحقيقة، وقد سبقت الإشارة إلى طرف من هذا البحث.
  وثمرة الخلاف بينهم: تظهر في جواز إطلاقه على اللّه تعالى قبل الأذن السمعي، وعدم ذلك:
  فعند القاسم وأبي هاشم: يجوز، لأنه حقيقة.
  ويلزم الجمهور أنه لا يجوز لأنه لا يطلق على اللّه تعالى من الأسماء إلا ما كان حقيقة أو ورد به أذن سمعي، واللّه سبحانه أعلم.