مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

مولده ونشأته

صفحة 22 - الجزء 1

  لإمامة المهدي السدود - أي الإتفاق - على أنه يأخذ الولاية من المهدي، والمهدي يأخذ الولاية منه، ويتعاونا، ويصير إلى المهدي خمس واجبات بلايد صعدة.

  ثم نهض الإمام المنصور للجهاد وحرب الأتراك، فوقع بينه وبين الأتراك من الحروب والوقعات، ما ربما أنه لم يتفق إلا في أيام جده القاسم وأولاده، ولقي عناء عظيماً، وصبراً جسيماً في الجهاد والجلاد، والعزم والهمة والشكيمة في دين الله، وهو بالمحل السامي من الكمال في جميع الشروط المعتبرة، وفي الرياسة والسياسة والكياسة، وسداد الثغور، وإصلاح أمر الجمهور، وله من الدهاء والحزم والصبر ماعجز عنه الأوائل والأواخر، وصار سهمه في كل مكرمة قامر، فزلزل الأتراك من المعاقل والحصون، وأذاقهم من الحروب حتف المنون.

  إلى قوله: وأما الإمام المهدي فإنه بقي مكانه، ولم يحصل له المساق المذكور - أعني خمس الواجب من البلاد - وصار ذلك الشرط نسياً منسياً، وصار ذلك عند الأقصى والأدنى أمراً مهملاً مهمياً. إلى آخر كلامه.

  أوردته هنا كي يعلم الواقف أن أئمة الهدى ليس لهم همٌّ إلا صلاح الدين، ولا ينازعون من أجل الرئاسة والملك، وإنما همهم صلاح الإسلام والمسلمين، كيفما حصل، وعلى يد من وقع، وإنما أبناء هذا الزمان ممن قل علمهم، واشتدت عصبيتهم، وعظم بغضهم وتنقيصهم لأئمة أهل البيت، يحاولون أن يشوهوا التاريخ بالأباطيل، ويملأوا آذان الناس بالأضاليل والأكاذيب، ولو أنهم اطلعوا على مؤلفات وأقوال العلماء المنصفين الذين عايشوا ذلك الزمان لسلموا من أخطار الخوض في أعراض أئمة الهدى، ولعلموا أن أعراض الناس محرمة، فما بالك بأعراض الأئمة فإنها لحوم مسمومة، من تناولها هلك، عصمنا الله من التفريق بين أئمة الهدى، وجنبنا مزالق الأهواء والردى، إنه على كل شيء قدير.