[إعراب ومعنى قوله تعالى {أرأيتك هذا الذي كرمت}]
  لغتهم للتوكيد في الخطاب، فلا محل له من الإعراب، ويثنى ويجمع كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُكُم ٤٠}[الأنعام]، وهذا مفعول به.
  والمعنى: أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ - أي فضلته - لم كرمته وأنا خير منه؟، فاختصر الكلام، ولا فرق بينه وبين المجرد عن الكاف إلا بالتأكيد وعدمه، وأما التاء فلعلها لا تتصرف إلا مع عدم الضمير الثاني، ولعل المفعول الثاني سد مسد الاستفهام المقدر - أعني قوله لم فضلته عليّ - وقد يحكم بحذفه للعلم به، كما في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ٩}[العلق]، ونحوه، ويظهر لي: أن قوة الإنكار بالتأكيد مشعرة باستعظام المستفهم عنه المستنكر عند المتكلم منبئ عن الداء الدخيل، وهو الكبر المنطوي عليه، وهذه نكتة تناسب ما قالوه من تأكيد الحكم عند الإنكار، لكن هناك هو في إنكار المخاطب، وهنا في إنكار المتكلم.
  ويمكن حمله على إنكار المخاطب المفهوم عند المتكلم، ويستفاد منه نكتة أخرى: وهي إرادة العناد وفعله، الذي هو حقيقة التكبر لمصير المعنى كأنه قال: هذا الذي أمرت به، وصار عندك المصلحة فيه عندي خلافه، وهو أحد الأوجه التي عدوها في كفر إبليس لعنه اللّه، لأنه لم يكن منه في الظاهر إلا ترك واجب مع تنبيه النص على أنه استكبر وتكبر، وهو مفتقر إلى الفعل، فذلك قوله: هذا المنبئ عن خبث طويته لعنه اللّه، واللّه أعلم.
  وأما قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالبّصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُلَاً} فلا