[في ضمان المتولي على المسجد]
  أهل المذهب أن ذلك رشوة إن امتنع من التزويج إلا بها، وقد لعن الرسول ÷ الراشي والمرتشي(١)، فما يكون حكم الزوج المعطي إن لم يمكنه التوصل إلى التزويج إلا بذلك، فما المخرج في ذلك مع عموم البلوى به؟.
  والجواب: لا شك أن أهل المذهب قد نصوا على أنها رشوة محرمة، ونصوا أيضاً على تحريمه على الدافع، والمدفوع إليه لشمول الحديث وعموم الحكم، فلا مخرج على ظاهر كلامهم للدافع، إلا إذا أغمض عن مناقشة الولي ومماكسته، بحيث لا يلجئه إلى حد الامتناع إلا بها، ويكون التسليم ابتداء بالرضا وطيبة النفس، وإن كان قد نص بعض العلماء على جواز أخذ ما يلحق الولي غضاضة بتركه، والمختار خلافه.
  وذكر المنصور باللّه # وأبو جعفر وغيرهما جواز دفع الأجرة للحاكم ليحكم بالحق فيما هو مجمع عليه، لأنه توصل إلى حقه كالاستفداء، لا في المختلف فيه، لأن حكم الحاكم باطل، لبطلان ولايته بظهور الارتشاء، وهذا الكلام إنما هو في الدافع، وأما المدفوع إليه فيحرم اتفاقاً، فلهذا كان قدحاً في الحاكم، وكلام المنصور باللّه جيد.
  ويقال في ولي عقد النكاح هكذا، لأن العدالة غير شرط، وقد فصل الفقيه يوسف هذا البحث في الثمرات تفصيلاً عجيباً، وذكر الخلافات ولكنها غائبة عنا، وكثير من المفرعين قد ذكروه وهو الراجح.
  فإن قيل: هذا توصل إلى المباح بما صورته صورة المحظور.
(١) والرائش: هو المصلح.