[في مضي أكثر مدة الحمل لمن مات زوجها وهي حامل]
  الأعناق، فهي بلا شك مغناطيس النفوس، والأمان من كل بؤس، والروضة الجامعة لكل بلاغة أنيقة، والمحتوية على كل معنى حسن وفصاحة غديقة، سقت سماء المعاني أرض ألفاظها، فنبتت بأحكام ومعانٍ زكى نباتها، وأينعت ثمارها فهزتها لواقح الأفكار والأنظار فتساقط ثمارها، فلا يبرح الناظر مستخرجاً للدر الحسان، إلى أن ينتهي إلى ما لا يخطر على الأسماع والأذهان، لم يترك مقفلاً إلا فتحه وكشفه، ولا مختوماً إلا أذهب خاتمه وعرفه، فعاد الظلام منها ضياءً ونوراً، وابتهج القلب بها سروراً، كيف لا تكون كذلك، ومنشيها ومرصع درر ألفاظها وموشيها، هلال هالة العلماء الأطهار، وفرع الأئمة البدور المتلألئة الأنوار، والهادية إلى دار القرار، من له اليد الطولى في معجزات البلاغة، الفائق لأبناء زمانه في الفصاحة، من خاض في بحار العلوم فاستخرج الدقائق، ووقف على خفيات الحقائق، بقية العلماء المعتبرين، وخلاصة الآل الأكرمين، مولانا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، المهدي لدين اللّه رب العالمين، أيد اللّه الدين ببقائه، وضاعف به الرحمة على أوليائه، وأعظم به النقمة على أعدائه، وأحيا به الميت من الإسلام، وأشاد به ما اندرس من الأحكام، وكان له خير ناصر ومعين، وحفظه بما حفظ به الذكر المبين، بحق محمد وآله الأكرمين.
  وبعد أن تأملت ما احتوت عليه، وتفهمت ما تضمنت وأشارت إليه، قلتُ:
  هذي الرياض التي قد راقت البصرا ... فسرح الطرف فيها تبلغ الوطرا
  كانت مسائلنا ليلاً فلاح لها ... نور يضئ كضوء الشمس إذ ظهرا
  كانت مسائلنا بكراً مختمة ... ففضها من لبيت المجد قد عمرا
  قد أطفأت نار كربي إذ رأيت بها ... سؤلي وشاهدت ما للعقل قد بهرا
  سلت علي جيش همي سيف نصرتها ... فانسل همي لواذاً خائفاً حذرا