مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[خروج الإمام علي الرضا إلى صلاة العيد]

صفحة 341 - الجزء 1

  فقال له الرضا: إن أعفيتني من ذلك كان أحبَّ إلىّ وإن أبيت إلا أن أخرج للصلاة، فإنما أخرج للصلاة على الصفة التي كان النبي ÷ يخرج عليها فقال المأمون: افعل كيفما أرت.

  وأمر المأمون القواد والجند وأعيان دولته بالركوب في خدمته إلى المصلى فركب الناس إلى بيته، وحضر القراء والمؤذنون والمكبرون إلى بابه ينتظرون أن يخرج، فخرج إليهم الرضا وقد اغتسل ولبس أفخر ثيابه وتعمم بعمامة، وألقى طرفاً منها على عاتقه، ومس طيباً وأخذ عكازاً في يده، وخرج ماشياً ولم يركب، وقال لمواليه وأتباعه: افعلوا كما فعلتُ، ففعلوا كفعله، وساروا بين يديه عند شروق الشمس، رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير، فلما رآه القواد والجند على تلك الحال لم يسعهم إلا أن نزلوا عن خيولهم ومراكبهم، وساروا بين يديه، وتركوا دوابهم مع غلمانهم خيفة الناس، وكان كلما كبر الرضا كبر الناس بتكبيره، وكلما هلل هللوا بتهليله، وهم سائرون بين يديه حتى خُيل للناس أن الحيطان والجدران تجاوبهم بالتكبير والتهليل، وارتفع البكاء والصراخ، فبلغ ذلك المأمون فقال له الفضل: إن بلغ الرضا المصلى افتتن به الناس وخفنا على دمائنا وأرواحنا وعليك في نفسك، فابعث إليه ورده، فبعث إليه المأمون: قد كلفناك يا أبا الحسن ولا نحب أن تلحقك مشقة، ارجع إلى بيتك ويصلي بالناس من كان يصلي بهم من قبل، فرجع علي الرضا إلى بيته وركب المأمون فصلى بالناس. انتهى.

  قلت: وهذه وأمثالها عزيمة للمأمون على الإسراع في التخلص من الإمام وعلى الإيقاع به بأي صفة من صفات القتل.