مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

(الفرزدق وقصيده بين هشام)

صفحة 371 - الجزء 1

  وجهد أن يستلم الحجر الأسود فلم يصل إليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر إلى جانب زمزم من الحطيم، وجلس عليه ينظر إلى الناس وينظر إليه الناس وحوله جماعة من أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين @ يريد الطواف فلما انتهى إلى الحجر الأسود تنحى الناس حتى استلم الحجر الأسود، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي هابه الناس هذه المهابة فتنحوا عنه يمينا وشمالا؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضراً، فقال للشامي: أنا أعرفه، فقال من هو يا أبا فراس؟ فقال:

  هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

  هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم

  إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

  يُنمى إلى دوحة العز التي قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم

  يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

  يُغضيِ حياءً ويُغضَى من مهابته ... فلا يُكلم إلا حين يبتسم

  من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت له الأمم

  ينشق نور الهدى من نور غرته ... كالشمس ينجاب عن إشراقها الطُلمُ

  وشيمة من رسول الله نبعته ... طابت عناصره والخيم والشيم

  هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد خُتموا

  الله فضله قدماً وشرفه ... جرى بذاك له في لوحة القلم

  وليس قولك من هذا بضائره ... لعربُ تعرف من أنكرت والعجم

  كلتا يديه غياث عم نفعهما ... يستوكفان ولا يعرو هما العدم

  سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق والكرم