[الجد الثالث والثلاثون: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #]
  وقد أخرج الله من بين الكاتمين، ما ملأ الخافقين، وقد قال حفاظ محدثي العامة لما بهرهم ما رووه كأحمد بن حنبل، وإسماعيل القاضي، والنسائي والنيسابوري: ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلي، ولم يرد في حق أحد من الصحابة ما ورد فيه ... إلخ.
  قلت: وهو بحث نفيس في آخر التحف شرح الزلف، ولا شك أنه كذلك، وفوق ما هنالك، فهو # قسيم النار والجنة، وأنه أقضاهم، وأنه صاحب اللواء في الدنيا والآخرة، وأن حبه علامة المؤمنين، وبغضه علامة المنافقين، وأنه ساقي الحوض.
  عاش مع رسول الله ÷ وعاشره، ووعى عنه، وتأدب بأدبه، واستن بسنته، وكمل بكماله، لاصق جلده جلده، وحجره حجره، احتضنه النبي ÷ صغيراً، وغذاه بالحكمة كبيراً، وفداه كبيراً وصغيراً، وبات على فراشه صغيراً وكبيراً.
  روى الإمام أبو طالب بسنده إلى الحسن @ قال: كان رسول الله ÷ إذا أخذ مضجعه وعرف مكانه - يعني إذا كان صغيراً - تركه أبو طالب حتى إذا نامت العيون جاء إليه وأنهضه من فراشه، وأضجع علياً مكانه، فقال علي: يا أبتاه إني مقتول ذات ليلة، فقال أبو طالب:
  اصطبر يا علي فالصبر أحجى ... كل حي مصيره لِشَعوب
  قد بلوناك والبلاء شديد ... لفداء النبي وابن النجيب
  لفداء الأغر ذي النسب الثاقب ... ذي الباع والرضي والحسيب