فصل (في ذكر سيد الكائنات ÷)
  أضاءت لها قصور الشام، ثم تلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}.
  ولما أراد الله ø إعزاز دينه جمع بينه ÷ وبين نفر من الخزرج، فدعاهم وتلى عليهم القرآن الكريم وآمنوا، ولما كان في العام المقبل وفي الموسم جماعة فدعاهم وآمنوا وكانت بيعة العقبة الأولى.
  ثم كانت بيعة العقبة الثانية في العام المقبل، وهم سبعون رجلاً وامرأتان، فبايعوه على: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، ويحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويمنعونه مما يمنعون به أنفسهم وذراريهم، وأرسل ÷ معهم مصعب بن عمير إلى المدينة لعلمهم ويدعوهم إلى الحق.
  وتوالت على رسول الله ÷ التحديات والمحن، وكثر الأذى من قريش لما سفه أحلامهم وسب آلهتم، ودخل الناس في الإسلام أفراداً أفراداً، فاشتد البلاء عليه ÷ وعليهم - لولا عناية الله ø - وحفظه ثم مناصرة عمه أبي طالب، ثم لما مات نالت منه قريش ما لم تكن تناله، أمر ÷ بعض أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، ثم أذن الله تعالى له بالهجرة إلى المدينة، في السنة الثالثة عشر من النبوة والسنة الأولى من الهجرة، وأمر علياً # في المبيت في فراشه وعليه أربعون سيفاً مُشرعة، لم يكترث ولم يتضور، وخرج ÷ من بيته وقد ذر على رُؤوسهم التراب، واختفى في غار ثور هو وصاحبه أبو بكر ثلاثة أيام، وقريش في أثره، وقد أعمى الله تعالى أبصارهم عنه، وهاجر من مكة في أول شهر ربيع الأول، وقدم