الباب الثالث في أمهات مسائل أصول الدين التي لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
  الاستغراق، وهذه المسألة في الحقيقة فرع على السابعة كما لمحنا إلى ذلك.
  المسألة العاشرة: أن اللّه تعالى واحد لا إله غيره، أي لا مشارك له في الإلهية.
  والدليل على ذلك: أنه لو كان لله تعالى ثانٍ لأظهر صنعته وقدرته، ودل على نفسه، وأتتنا رسله، ولكان يلزم الفساد في السموات والأرض وما بينهما لاختلاف مراديهما، إذا أراد أحدهما فعلاً والآخر ضده، ونحو ذلك، فلما انتفى ذلك كله عَلِمنا أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له.
  وقد قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الصمد]، وقال تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء/٢٢]، لِتناقض مراداتهم، و {لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ}[المؤمنون/٩١]، فتتميز صنعة كل أحد منهم، {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[المؤمنون/٩١]، بالقهر والغلبة، فيعجز المغلوب، والعاجز ليس بإله قادر، والغالب هو اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم القاهر.