مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الأصول التي لا يعذر المكلف بجهلها]

صفحة 90 - الجزء 1

  كَرِيمًا}⁣[النساء/٣١]، ونحوها، وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}⁣[طه/٨٢]، ونحوها.

  قلت: صحيح، فيجب العمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي.

  فإن قيل: دلالة العموم بعد التخصيص ظنية.

  قُلنا: لا نُسلّم، هلم الدليل، وليس إليه من سبيل.

  ولنا التبرع ببيان مستند المنع، وهو أن يقال: الأصل القطع في كلما جاءنا عن اللّه تعالى ورسولِه، لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}⁣[الحشر/٧]، وقوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}⁣[النور/٦٣]، ولم يَفْصِل بين عامٍ وخاصٍ، وإنما خصَّص العمومات في مسائل الفروع الإجماعُ، ومسائلُ الأُصولِ باقيةٌ على حكمِها.

  ودليلٌ آخر: وهو إجماع أهلِ البيت $ على القول بخلود أهل الكبائر، وإجماعهم حجة قطعيّة، كما هو مذكور في مواضعه، بل هو حجة الإجماع.

  فإن قيل: قد قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}⁣[الزمر/٥٤]، وغيرها؟

  قلت: مجملةٌ، وآية التوبة مُبَيِّنَة، والواجب الرجوع إلى المبين.

  أو مطلقة مقيّدة بها، والواجب حمل المطلق على المقيد.

  أو عامة مخصصة والواجب بناء العام على الخاص، وقد قال تعالى {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}⁣[الزمر/٥٤]، وقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}⁣[الأعراف/١٥٦]، وكذلك سائر الآيات الكريمة.

  المسألة الرابعة: أن أهل الكبائر من هذه الأمة كشارب الخمر والزاني ونحوهما يسمون فُسّاقاً ولا يُسمون كفاراً، خلافاً للخوارج، ولا يُسمون مؤمنين خِلافاً للمرجئَة.