الباب الثالث في أمهات مسائل أصول الدين التي لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
  حجّتنا على الخوارج: تحريم مناكحة الكفار والموارثة والدفن في مقابر المسلمين، بخِلاف الفساق.
  وحجتنا على المرجئة: أنَّ المؤمنَ يستحقُّ الثواب والتعظيم بخِلاف الفاسق، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال/٢]، ونحوها، وهذه ليست بصفات الكفار ولا الفساق.
  المسألة الخامسة: أن شفاعة النبي ÷ لا تكون لمن يستحق النار من الكفار ولا الفساق، بل هي للمؤمنين ليزيدهم اللّه بها تشريفاً.
  والدليل على ذلك: قوله تعالى {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر/١٨]، والفاسق ظالم لنفسه، لقوله تعالى {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات/١١]، وقوله تعالى {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء/٣٨]، وغيرها من الآيات، فثبت بذلك أنها للمؤمنين خلافاً للمرجئة.
  حجتنا عليهم: ما مر، ويقال لهم: ما تقولون: هل يحسن من العبد سؤال اللّه أن يدخله في شفاعة النبي ÷ أم لا؟
  فإن قالوا: لا، خالفوا الإجماع.
  وإن قالوا: نعم، قلنا: يلزم على مذهبكم أن يسأل اللّه تعالى أن يميته فاسقاً، فما بقي إلا أنها للمؤمنين.
  فإن قيل: قد قال اللّه تعالى {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ}[هود/١٠٧]، وقال النبي ÷: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
  قلنا: معنى الاستثناء في الآية الكريمة إلا وقت الوقوف في المحشر.