أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مواضع «أم» المنقطعة، ومذاهب النحاة في دلالتها على الإضراب والاستفهام]

صفحة 333 - الجزء 3

  تقتضي مع ذلك استفهاما: حقيقيّا نحو: (إنّها لإبل أم شاء)⁣(⁣١)، أي: بل أهي شاء، وإنّما قدّرنا بعدها مبتدأ، لأنها لا تدخل على المفرد، أو إنكاريّا، كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَناتُ}⁣(⁣٢)، أي: أله البنات، وقد لا تقتضيه البتة، نحو: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ


= المذهب الأول: مذهب جمهور البصريين وحاصله أن (أم) المنقطعة تدل على الإضراب والاستفهام معا في كل مثال، فلا تكون في مثال للإضراب وحده، ولا تكون في مثال ما للاستفهام وحده.

المذهب الثاني: مذهب جمهور الكوفيين، وحاصله أنها تدل على الإضراب في كل مثال، وقد تدل - مع دلالتها على الإضراب - على الاستفهام الحقيقي أو الإنكاري، وقد لا تدل على الاستفهام أصلا، ولا تأتي للدلالة على الاستفهام وحده في مثال ما.

المذهب الثالث: مذهب أبي عبيدة، وحاصله أن (أم) المنقطعة على ثلاثة أوجه، أولها الدالة على الإضراب وحده، وثانيها الدالة على الاستفهام وحده، وثالثها الدالة على الإضراب والاستفهام معا، وسنعود إلى الكلام على هذا الموضوع مرة أخرى قريبا.

ويذكر بعض العلماء أنه لا خلاف بين الكوفيين والبصريين في مجيء أم للدلالة على الإضراب وحده، وإنما الخلاف في تسميتها، هل تسمى منقطعة أو لا؟

(١) يتعين عليك أن تعرب قولهم (شاء) خبرا لمبتدأ محذوف، لما قد علمت من أن (أم) المنقطعة لا تقع إلا بين جملتين، وهذا الذي ذكرناه هو مذهب جمهور النحاة، وذهب ابن مالك | إلى أنه يجوز أنه يقع بعد (أم) المفرد، واستدل على ذلك بأنه قد سمع من كلامهم (وإن هناك لإبلا أم شاء) فإن الظاهر أن ما بعد أم في هذه العبارة اسم مفرد، وأنكر العلماء ذلك على ابن مالك حتى قال ابن هشام: خرق ابن مالك في بعض كتبه إجماع النحويين فزعم أن أم المنقطعة تعطف المفردات ك (بل) من قبل أن (أم) المنقطعة بمعنى بل الابتدائية، وحروف الابتداء لا يقع بعدها إلا الجمل، ثم أنكروا رواية هذا المثال على الوجه الذي رواه عليه ابن مالك، ومنهم من سلم روايته ثم أوله بأن (أم) يحتمل أن تكون متصلة، وعلى هذا تكون همزة الاستفهام مقدرة قبل إن، وكأنه قيل: أإن هناك لإبلا أم شاء، ويحتمل أن تكون (أم) منقطعة وعلى هذا يكون قولهم (شاء) مفعولا لفعل محذوف، كأنه قيل: إن هناك لإبلا أم أرى شاء.

(٢) سورة الطور، الآية: ٣٩، وقد علمت أن (أم) المنقطعة تدل على الإضراب دائما، فلو لم تكن في هذه الآية دالة على الاستفهام الإنكاري مع الدلالة على الإضراب لكانت =