هذا باب عطف النسق
  وَالنُّورُ}(١)، أي: بل هل تستوي؛ إذ لا يدخل استفهام على استفهام(٢)، وكقول الشاعر:
  [٤٢٠] -
  هنالك أم في جنّة أم جهنّم
= دالة على الإضراب المحض، وهذا يستوجب المحال وهو الإخبار بنسبة البنات إليه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
(١) سورة الرعد، الآية: ١٦.
(٢) قد أنبأتك قريبا أن مذهب جمهور البصريين أن (أم) المنقطعة تدل في كل مثال على الإضراب والاستفهام معا، وأن المؤلف عدل عن مذهبهم واختار مذهب جمهور الكوفيين الذين يرون أن (أم) هذه تدل على الإضراب دائما، وقد تدل على الاستفهام مع دلالتها على الإضراب، وقد لا تدل على الاستفهام، كما عدل عن مذهب أبي عبيدة الذي ذهب إلى أن (أم) هذه قد تدل على الاستفهام في بعض الأمثلة ولا تدل على الإضراب.
والآية الكريمة التي تلاها المؤلف - وهي قوله تعالى: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ} تدل لمذهب الكوفيين الذي اختاره المؤلف، ووجه الدلالة من هذه الآية على أن (أم) خالية من الدلالة على الاستفهام هو أنه قد وقع بعدها حرف الاستفهام وهو (هل) فلو كان في (أم) معنى الاستفهام لكان حرف الاستفهام داخلا على حرف استفهام آخر، وذلك لا يجوز.
ومما استدل به أبو عبيدة على أن (أم) قد تدل في بعض الأمثلة على الاستفهام ولا تدل على الإضراب قول الأخطل التغلبي:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظّلام من الرّباب خيالا
جعل (أم) منقطعة دالة على الاستفهام، والتقدير عنده: كذبتك عينك هل رأيت في غلس الظلام خيالا من الرباب.
وقد تقدم الاستشهاد بهذا البيت على حذف همزة الاستفهام وأن التقدير أكذبتك عينك أم رأيت! وأم متصلة.
وحمل بعضهم على ما قاله أبو عبيدة قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ}.
[٤٢٠] - هذا الشاهد من كلام عمر بن أبي ربيعة المخزومي، وما ذكره المؤلف هنا عجز بيت من الطويل، وصدره مع بيتين سابقين عليه قوله:
ألا ليت أنّي يوم تقضى منيّتي ... لثمت الّذي ما بين عينيك والفم
=