أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب عطف النسق

صفحة 335 - الجزء 3

  إذ لا معنى للاستفهام.


=

وليت طهوري كان ريقك كلّه ... وليت حنوطي من مشاشك والدّم

وليت سليمى في المنام ضجيعتي ... هنالك أم في جنّة ...

اللغة: (سليمى) اسم امرأة (المنام) النوم (ضجيعتي) مشاركتي في المضجع، وهو مكان الرقاد.

الإعراب: (ليت) حرف تمن ونصب (سليمى) اسم ليت منصوب بفتحة مقدرة على الألف (في المنام) جار ومجرور متعلق بقوله ضجيعتي الآتي (ضجيعتي) ضجيعة: خبر ليت: وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه (هنالك) هنا: اسم إشارة لمكان النوم، مبني على السكون في محل نصب بضجيعتي، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب (أم) حرف دال على الإضراب بمعنى بل مبني على السكون لا محل له من الإعراب (في جنة) جار ومجرور متعلق بمحذوف يقع خبرا لليت محذوفة مع اسمها، وتقدير الكلام: بل ليت سليمى ضجيعتي في جنة (أم) حرف عطف دال على الإضراب (في جهنم) جار ومجرور متعلق بمحذوف يقع خبرا لليت المحذوفة مع اسمها كالسابق، والتقدير: بل ليت سليمى ضجيعتي في جهنم تمنى أولا أن تكون ضجيعته في موضع رقاده، ثم أضرب عن ذلك وتمنى أن تكون ضجيعته في الجنة، ثم أضرب عن ذلك وتمنى أن تكون ضجيعته في جهنم وأم إذا كانت بمعنى بل لم يقع بعدها إلا الجمل؛ فلذلك قدرنا الجمل بعد أم الأولى وبعد أم الثانية، فاعرف ذلك وتنبه له.

الشاهد فيه: أتى المؤلف بهذا البيت ليدل على أن (أم) المنقطعة التي بمعنى بل قد لا تدل على الاستفهام ولا تقتضيه أصلا، ألا ترى أنه لا يريد بقوله (أم في جنة أم في جهنم) الاستفهام؟ وإنما ساقه مساق التمني على ما قررناه في أواخر إعراب البيت.

قال الشيخ خالد: ونقل ابن الشجري عن جميع البصريين أن أم أبدا بمعنى بل والهمزة جميعا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك. وهذه الآية والبيت يشهدان للكوفيين، فإن أم فيهما بمعنى بل خاصة، كما أنها بمعنى الاستفهام خاصة في قول الشاعر:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظّلام من الرّباب خيالا

قال أبو عبيدة: (أن المعنى هل رأيت) اه كلامه بحروفه، بعد تقويم تحريفه، وقال الدنوشري عن البيت الذي استدل به لمجيء أم المنقطعة للاستفهام ليس غير ما نصه:

(هذا قول أبي عبيدة فقط كما في المغني)، وقد ذكرنا لك التخريج الذي يخرجه عن الدلالة على ما ذهب إليه أبو عبيدة، بل يخرج (أم) عن أن تكون منقطعة.