[إبدال الضمير من الضمير]
  وإن كان أراد الأمر بأخذ النّبل، ثم تبيّن له فساد تلك الإرادة، وأنّ الصواب الأمر بأخذ المدى فبدل نسيان.
  وإن كان أراد الأول، ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى وجعل الأوّل في حكم المتروك فبدل إضراب وبداء.
  والأحسن فيهنّ أن يؤتى ببل.
  فصل: يبدل الظاهر من الظاهر كما تقدم.
[إبدال الضمير من الضمير]
  ولا يبدل المضمر من المضمر، ونحو: (قمت أنت) و (مررت بك أنت) توكيد اتّفاقا، وكذلك نحو: (رأيتك إيّاك) عند الكوفيين والناظم(١).
(١) اعلم أن العرب يقولون في حال الرفع (قمت أنت) ولا يقولون غير ذلك، ويقولون في حالة النصب (رأيتك أنت) أحيانا، وأحيانا أخرى يقولون (رأيتك إياك) ويقولون في حالة الجر (مررت بك إياك) في بعض الأحيان، وفي أخرى يقولون (مررت بك بك) وقد نقل سيبويه هذه الاستعمالات كلها عن العرب.
ثم اعلم أن النحاة يختلفون في تخريج بعض هذه الاستعمالات، ونحن نبين لك هذا الاختلاف بيانا شافيا فتقول:
اتفق البصريون والكوفيون على تخريج عبارة الرفع فقالوا: الضمير الثاني توكيد للضمير الأول، واختلفوا في عبارتي النصب وعبارتي الجر، فذهب الكوفيون إلى أن الضمير الثاني في العبارات الأربع توكيد للضمير الأول كما كان الأمر كذلك في عبارة الرفع، ولا فرق بين أن يكون الضمير الثاني مرفوعا منفصلا نحو (رأيتك أنت) ونحو (مررت بك أنت) وأن يكون موافقا للأول نحو (رأيتك إياك) ونحو (مررت بك بك) وأخذ بهذا الرأي ابن مالك، وأيده بقوله: (وقول الكوفيين عندي أصح، لأن نسبة المنصوب المتصل كنسبة المرفوع المتصل من المرفوع المنفصل، نحو فعلت أنت، والمرفوع توكيد بإجماع، فليكن المنصوب توكيدا، فإن الفرق بينهما تحكم بلا دليل).
وذهب البصريون إلى أنه إذا جيء بالضمير منفصلا مرفوعا نحو (رأيتك أنت) ونحو (مررت بك أنت) كان الثاني توكيدا للأول، وإذا جيء بالضمير الثاني موافقا للأول نحو (رأيتك إياك) ونحو (مررت بك بك) كان الثاني بدلا من الأول.