أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب البدل

صفحة 358 - الجزء 3

  اشتمالا بطريق الإجمال، ك (أعجبني زيد علمه، أو حسنه) و (سرق زيد ثوبه، أو فرسه).

  وأمره في الضمير كأمر بدل البعض؛ فمثال المذكور ما تقدّم من الأمثلة، وقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ}⁣(⁣١)، ومثال المقدّر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ}⁣(⁣٢) أي: النار فيه، وقيل: الأصل (ناره) ثم نابت أل عن الضمير.

  والرابع: البدل المباين، وهو ثلاثة أقسام؛ لأنّه لا بدّ أن يكون مقصودا كما تقدم في الحدّ:

  ثم الأول إن لم يكن مقصودا البتة، ولكن سبق إليه اللسان، فهو بدل الغلط، أي: بدل عن اللّفظ الذي هو غلط، لا أنّ البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهّم.

  وإن كان مقصودا؛ فإن تبيّن بعد ذكره فساد قصده، فبدل نسيان، أي: بدل شيء ذكر نسيانا.

  وقد ظهر أن الغلط متعلّق باللّسان، والنسيان متعلق بالجنان⁣(⁣٣)، والناظم وكثير من النحويين لم يفرّقوا بينهما فسمّوا النّوعين بدل غلط.

  وإن كان قصد كل واحد منهما صحيحا فبدل الإضراب، ويسمّى أيضا بدل البداء⁣(⁣٤).

  وقول الناظم: (خذ نبلا مدى) يحتمل الثلاثة، وذلك باختلاف التقادير، وذلك لأنّ النّبل اسم جمع للسّهم، والمدى: جمع مدية، وهي السكّين.

  فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى، فسبقه لسانه إلى النّبل، فبدل غلط.


(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٧.

(٢) سورة البروج، الآية: ٤.

(٣) الجنان - بفتح الجيم، بزنة سحاب - هو القلب.

(٤) البداء - بفتح الباء وبالدال المهملة - هو ظهور الأمر بعد أن لم يكن ظاهرا، والمراد أن يظهر لك الصواب بعد خفاء حاله عليك.