هذا باب البدل
  اشتمالا بطريق الإجمال، ك (أعجبني زيد علمه، أو حسنه) و (سرق زيد ثوبه، أو فرسه).
  وأمره في الضمير كأمر بدل البعض؛ فمثال المذكور ما تقدّم من الأمثلة، وقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ}(١)، ومثال المقدّر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ}(٢) أي: النار فيه، وقيل: الأصل (ناره) ثم نابت أل عن الضمير.
  والرابع: البدل المباين، وهو ثلاثة أقسام؛ لأنّه لا بدّ أن يكون مقصودا كما تقدم في الحدّ:
  ثم الأول إن لم يكن مقصودا البتة، ولكن سبق إليه اللسان، فهو بدل الغلط، أي: بدل عن اللّفظ الذي هو غلط، لا أنّ البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهّم.
  وإن كان مقصودا؛ فإن تبيّن بعد ذكره فساد قصده، فبدل نسيان، أي: بدل شيء ذكر نسيانا.
  وقد ظهر أن الغلط متعلّق باللّسان، والنسيان متعلق بالجنان(٣)، والناظم وكثير من النحويين لم يفرّقوا بينهما فسمّوا النّوعين بدل غلط.
  وإن كان قصد كل واحد منهما صحيحا فبدل الإضراب، ويسمّى أيضا بدل البداء(٤).
  وقول الناظم: (خذ نبلا مدى) يحتمل الثلاثة، وذلك باختلاف التقادير، وذلك لأنّ النّبل اسم جمع للسّهم، والمدى: جمع مدية، وهي السكّين.
  فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى، فسبقه لسانه إلى النّبل، فبدل غلط.
(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٧.
(٢) سورة البروج، الآية: ٤.
(٣) الجنان - بفتح الجيم، بزنة سحاب - هو القلب.
(٤) البداء - بفتح الباء وبالدال المهملة - هو ظهور الأمر بعد أن لم يكن ظاهرا، والمراد أن يظهر لك الصواب بعد خفاء حاله عليك.