[فصل: إبدال الفعل من الفعل، والجملة من الجملة، والجملة من المفرد]
  أبدل (كيف يلتقيان) من (حاجة وأخرى) أي: إلى اللّه أشكو هاتين الحاجتين تعذّر التقائهما.
= الإعراب: (إلى) حرف جر (اللّه) مجرور بإلى، والجار والمجرور متعلق بقوله أشكو (أشكو) فعل مضارع مرفوع بضمه بضمة مقدرة على الواو، فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا (بالمدينة) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من حاجة تقدم عليه، وكان أصله صفة، فلما تقدم على النكرة أعرب حالا (حاجة) مفعول به لأشكو منصوب بالفتحة الظاهرة (وبالشام) الواو حرف عطف، بالشام: جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور السابق (أخرى) معطوف بالواو على حاجة السابق، وكلاهما معمول لأشكو؛ لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها على ما تعلم، وكأنه قال:
وأشكو أخرى بالشام (كيف) اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال تقدم على صاحبه وعامله (يلتقيان) فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وألف الاثنين فاعله ضمير مبني على السكون في محل رفع.
الشاهد فيه: قوله: (كيف يلتقيان) فإن هذه الجملة - فيما ذكر النحاة - بدل من قوله:
(حاجة) وقوله (أخرى) فيكون فيه إبدال الجملة من المفرد، وإنما صح ذلك لأن الجملة راجعة بالتأويل إلى المفرد، وكأنه قد قال: أشكو إلى اللّه حاجة بالمدينة وحاجة بالشام تعذر التقائهما، هكذا قال أبو الفتح بن جني، وتبعه من جاء بعده عليه.
وقال الدماميني: ويحتمل أن يكون قوله: (كيف يلتقيان) جملة مستأنفة نبه بها على سبب الشكوى، وهو استبعاد اجتماع هاتين الحاجتين، اه.
ومن أمثلة إبدال الجملة من المفرد قوله تعالى: {أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} فإن جملة (كيف خلقت) بدل من (الإبل) وكذلك قوله سبحانه: {أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} فإن جملة (كيف مد الظل) بدل من الاسم الظاهر قبلها، قالوا: ومن هذه البابة كل جملة بدئت بكيف بعد اسم مفرد.
فإن قلت: فما نوع هذا البدل الذي هو بدل الجملة من المفرد؟ لأنك لم تصرح في إعراب بيت الشاهد بنوع البدل ولا حدثتنا عنه.
فالجواب عن ذلك أن نقول لك: إن كثيرا من النحاة يصرحون في بيت الفرزدق بأن جملة (كيف يلتقيان) بدل كل من المفرد الذي قبلها وما عطف عليه، وممن صرح بذلك الشيخ خالد، ولا نقرهم على ذلك أصلا، فإن تعذر التقاء الحاجتين - وهو =