أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النكرة والمعرفة

صفحة 110 - الجزء 1

  [٣٦] -

  في فتية جعلوا الصّليب إلههم ... حاشاي إنّي مسلم معذور


[٣٦] - هذا بيت من الكامل، وهذا بيت للمغيرة بن عبد اللّه، وهو شاعر إسلامي، وكان يلقب بالأقيشر لأنه كان أحمر الوجه.

اللغة: «معذور» هو بالعين المهملة والذال المعجمة - ومعناه مقطوع قلفة الذكر ويقال له أيضا «مختون» وهذا من سنن الفطرة التي رغب بها الإسلام، والنصارى لا يختتنون.

الإعراب: «في» حرف جر «فتية» مجرور بفي، وعلامة جره الكسرة الظاهرة «جعلوا» جعل: فعل ماض، وواو الجماعة العائد إلى فتية فاعله، وجملة الفعل والفاعل في محل جر صفة لفتية «الصليب» مفعول أول لجعل منصوب بالفتحة الظاهرة «إلههم» إله: مفعول ثان لجعل، وضمير الغائبين العائد إلى فتية مضاف إليه «حاشاي» حاشا:

حرف استثناء وجر؛ وياء المتكلم مبني على الفتح في محل جر به «إني» إن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسمه «مسلم» خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة «معذور» صفة لمسلم، أو خبر ثان لأن.

الشاهد فيه: قوله «حاشاي» حيث لم يصل بحاشا نون الوقاية عند اتصاله بياء المتكلم، والسر في أن نون الوقاية لا تلحق «حاشا» عند اتصاله بياء المتكلم أن آخر هذا الحرف ألف، والألف حرف هجائي لا يقبل الحركة بحال من الأحوال؛ فلا يخشى عند اتصال «حاشا» بياء المتكلم أن ينكسر آخره لمناسبة الياء، فلما أمنا أن يتغير آخر هذا الحرف لم نصل به نون الوقاية، ونظير هذا الكلام يقال في «خلا» و «عدا» إذا كانا حرفين، فإذا كانا فعلين اقترنت بهما نون الوقاية ليجري باب انفعل كله مجرى واحدا، ومن ذلك قول الشاعر:

تملّ النّدامى ما عداني فإنّني ... بكلّ الّذي يهوى نديمي مولع

فأجروا «عدا، وخلا» مجرى دعا وقلا من كل فعل انقلبت لامه ألفا لانفتاح ما قبلها، وإن كان حذف نون الوقاية مع هذا النوع من الأفعال لا يترتب عليه كسر آخر الفعل، وانظر إلى ما قال الشاعر، وهو حكيم الدّيلي:

فلمّا رآني زوى وجهه ... وقرّب من حاجب حاجبا

وإلى ما قال الآخر، وهو النابغة الذبياني:

أتاني أبيت اللّعن أنّك لمتني ... وتلك الّتي أهتمّ منها وأنصب

وإلى ما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:

وبالعفو وصّاني أبي وعشيرتي ... وبالدّفع عنها في أمور تريبها

=