هذا باب النكرة والمعرفة
  وإن خفضها حرف: فإن كان «من» أو «عن» وجبت النون، إلّا في الضرورة، كقوله:
  [٣٥] -
  أيّها السّائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني
  وإن كان غيرهما امتنعت، نحو «لي» و «بي» و «فيّ» و «خلاي» و «عداي» و «حاشاي» قال:
= الأمرين الإتيان بنون الوقاية وعدمه في هذه الكلمات، ولأن نون الوقاية تسقط مع غير هذه الأحرف مع عدم وجود الأمثال فحذفها فيهن مع وجود الأمثال من باب الأولى، والقولان الأول والثاني يدلان على وجوب نون الوقاية معهن ولا قائل به.
[٣٥] - هذا بيت من الرمل، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق، وقد رأيت ابن الناظم نسبه إلى بعض النحاة، ذهابا منه إلى أنه مصنوع، ورأيت ابن هشام يقول في شأنه: «وفي النفس من هذا البيت شيء؛ لأنا لم نعرف له قائلا، ولا نظيرا» ا. ه.
اللغة: «قيس» هو قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد، واسم عيلان الناس - بنون مفتوحة وآخره سين مهملة - وقد يراد بقيس القبيلة فيمنع الصرف للعلمية والتأنيث.
الإعراب: «أيها» أي: منادى بحرف نداء محذوف، مبني على الضم في محل نصب، وها: حرف تنبيه «السائل» نعت لأي باعتبار اللفظ مرفوع بالضمة الظاهرة «عنهم» جار ومجرور متعلق بالسائل «وعني» الواو حرف عطف، عني: جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور السابق «لست» ليس: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه «من قيس» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس. ويجوز أن يكون جر «قيس» بالكسرة الظاهرة مع التنوين، كما يجوز أن يكون جره بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، والوزن يحتمل الوجهين «ولا» الواو عاطفة، لا:
زائدة لتأكيد النفي «قيس» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «مني» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ويجوز في «قيس» التنوين وعدمه أيضا، وجملة المبتدأ وخبره معطوفة بالواو على جملة ليس واسمها وخبرها.
الشاهد فيه: قوله «عني» وقوله «مني» حيث حذف نون الوقاية من الحرفين عند اتصالهما بياء المتكلم، وهذا الحذف ضرورة عند سيبويه، والذي يجب في اختيار الكلام أن تقول «مني» و «عني» بتشديد النون في الحرفين لتكون نون الوقاية حفظا للسكون الذي هو الأصل فيما يبنون.