[يمتنع أن تكون «إيا» في التحذير لمتكلم أو لغائب]
[يمتنع أن تكون «إيا» في التحذير لمتكلم أو لغائب]
  ولا تكون (إيّا) في هذا الباب لمتكلم، وشذّ قول عمر ¥ (لتذكّ لكم الأسل والرّماح والسّهام، وإيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب) وأصله إيّاي باعدوا عن حذف الأرنب، وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب، ثم حذف من الأول المحذور، ومن الثاني المحذّر.
  ولا يكون لغائب، وشذّ قول بعضهم: (إذا بلغ الرّجل السّتّين فإيّاه وإيّا الشّوابّ) والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشّوابّ، وفيه شذوذان، أحدهما:
  اجتماع حذف الفعل، وحذف حرف الأمر، والثاني: إقامة الضّمير، وهو (إيّا) مقام الظّاهر، وهو الأنفس، لأنّ المستحق للإضافة إلى الأسماء الظاهرة، إنما هو المظهر لا المضمر.
= هذا التركيب على تقدير آخر، وهو أن يقدر العامل فعلا يتعدى بنفسه إلى مفعولين، وكأنك حين تقول (إياك الأسد) قد قلت: أحذرك الأسد، فالكلام جملة واحدة خبرية.
ثم اعلم أن محصل كلام المؤلف أنك إذا قلت (إياك من الأسد) فهل يجوز لك أن تحذف من الجارة وتنصب الاسم الذي كان مجرورا بها فتقول (إياك الأسد)؟ والجواب على هذا أنك لو قدرت العامل في إياك فعلا يتعدى إلى مفعول واحد - يعني ولم تقدر للأسد عاملا آخر كما قدر سيبويه - لم يجز لك نصب الاسم الذي كان مجرورا بها، فتقول (إياك الأسد) لأن حذف حرف الجر ونصب الاسم الذي كان مجرورا شاذ، وتخريج الكلام على الشاذ لا يجوز، وإن قدرت العامل في إياك فعلا يتعدى إلى اثنين بنفسه - يعني كما هو تقدير ابن الناظم - جاز.
فإن كان المحذر منه أن المصدرية وصلتها نحو أن تقول (إياك من أن تفعل القبيح) جاز لك أن تحذف (من) سواء أقدرت العامل فعلا يتعدى لاثنين أم قدرته فعلا يتعدى لواحد، أما إن قدرته متعديا لاثنين فالأمر ظاهر جدا، وأما إن قدرته متعديا لواحد فلأن المجرور مصدر مؤول من أن وصلتها، وقد علمت أن حذف الجر قبل (أن) جائز في سعة الكلام.
وخلاصة ما نريد من هذا الكلام أننا نرجح صحة قول القائل (إياك الأسد) على أحد تقديرين، الأول أن يكون عامل (إيا) غير عامل (الأسد) والثاني أن يكون عاملهما واحدا ونقدره فعلا يتعدى بنفسه إلى مفعولين، ولا نلتزم أن يكون أصل الكلام (إياك من الأسد) فحذف حرف الجر وانتصب الاسم الذي كان مجرورا، فإن التزامه تحكم.