[فصل: وينقسم إلى مفرد ومركب]
  ٢ - ومركّب مزجيّ، وهو: كل كلمتين نزّلت ثانيتهما منزلة تاء التأنيث مما
= لأجله عامله محذوف، تقديره يصيحون لأجل الظلم «علينا» جار ومجرور متعلق بقوله ظلما السابق، أو بقوله فديد الآتي، أو متعلق بالعامل المحذوف «لهم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «فديد» مبتدأ مؤخر، مرفوع بالضمة الظاهرة، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب مفعول ثالث لنبئ.
الشاهد فيه: قوله: «يزيد» حيث سمي به، وأصله فعل مضارع ماضيه زاد مشتمل على ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، فهو منقول من جملة مؤلفة من فعل وفاعل.
وإنما قدرنا نقله من الفعل ولم نقدره منقولا من المضارع وحده لأنا وجدنا عادة العرب المستمرة في كلامهم أنهم إذا نقلوا العلم من الفعل المضارع وحده أن يعربوه إعراب ما لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل المضارع، ولو كان ما هنا من هذه البابة لكان يجب أن يكون مجرورا بالفتحة نيابة عن الكسرة، لأن ما قبله مضاف إليه؛ ولكنهم إذا نقلوا من الفعل وفاعله أبقوا الفعل على لفظه الذي كان عليه قبل النقل. فإن كان ماضيا بقي على فتحه، وإن كان مضارعا بقي على رفعه، وهو هنا كذلك، فمن أجل هذا حكمنا بأنه منقول عن الجملة محكي.
والعرب تسمي الأشخاص بالجملة الفعلية كثيرا كتسميتهم «تأبط شرا» و «برق نحره» و «ذرى حبا» ومن ذلك قوله الشاعر:
كذبتم وبيت اللّه لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصرّ وتحلب
ومن ذلك قول الآخر:
إذا ما قيل: أيّ النّاس شرّ؟ ... فشرّهم بنو يتلمّظان
ومن ذلك قول الآخر:
وكنت ابن عمّ باذلا فوجدتكم ... بني جدّ ثدياها عليّ ولا ليا
ومن ذلك قول الآخر:
خذوا هذه ثمّ استعدّوا لمثلها ... بني يشتهي رزء الخليل المناوب
ومن ذلك قول الآخر:
أعير بني يدبّ إذا تعشّى ... وعير بني يهرّ على العشاء؟
ولم يرد عن العرب شاهد يحتج به في التسمية بالجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر، ولكن النحاة قاسوها على الجملة الفعلية لاشتراكهما جميعا في الجملية؛ فأطلقوا القول إطلاقا بأن العلم إذا كان منقولا عن جملة حكي على ما كان قبل النقل.