[ناصبه أربعة]
= المصدرية، نقلت حركة الهمزة من (أن) إلى ذال إذ، ثم حذفت الهمزة فصارت (إذن) وغلب عليها بعد التركيب حكم الحرفية، وهذا كلام الخليل بن أحمد، وقيل: هي مركبة من إذا وأن، فحذفت الهمزة من أن ثم الألف من إذا للتخلص من التقاء الساكنين، فصارت إذن، وهذا قول أبي علي الرندي، زعم أنه قال ذلك لأنه وجدها تقوم مقام هاتين الكلمتين، فهي تدل على ربط الكلام بكلام كما أن إذا تدل على ذلك، وهي تنصب الفعل المضارع كما أن المصدرية كذلك، وليس يخفى عليك أن كلام الخليل هذا وكلام الرندي - مع تهافته - يدل على أنهما يريان أن الناصب للمضارع وهو إذن نفسها؛ لأن (أن) المصدرية جزء من الأجزاء التي تركبت منها، والقول الثاني أنها بسيطة لا تركيب فيها، وهو قول الجمهور، وهو الصحيح.
الخلاف الثالث: بعد اختيار أن (إذن) حرف، وأنه بسيط، أهو عامل النصب في الفعل المضارع، أم أن العامل مضمر بعدها، ولهم في ذلك قولان، أحدهما أن ناصب الفعل المضارع هو (أن) المصدرية مضمرة بعدها، وسبب ذلك أن (إذن) ليست مختصة بالفعل، بل يجوز أن يقع بعدها الاسم كما تقول (إذن عبد اللّه يزورك) ومن حق الحرف المشترك ألا يعمل، وينسب هذا إلى الخليل بن أحمد، فيكون للخليل رأيان في (إذن) والقول الثاني أن إذن هي الناصبة للمضارع بنفسها، وهذا رأي جمهور النحاة بصريهم وكوفيهم، وهو القول الصحيح الذي نرى لك أن تأخذ به.
الخلاف الرابع: بعد اختيار كون (إذن) حرفا بسيطا ناصبا للمضارع بنفسه، ما معناه؟
قال سيبويه: هي حرف جواب وجزاء، والمراد بكونها للجواب أنها تقع في كلام يجاب به كلام آخر ملفوظ به أو مقدر، سواء وقعت في أوله أو في وسطه أو في آخره، والمراد بكونها للجزاء أن مضمون الكلام الذي تقع هي فيه جزاء لمضمون كلام آخر، وقد اختلف النحاة بعد سيبويه، فذهب الشّلوبين إلى أنها حرف دال على الجواب والجزاء معا في كل كلام تقع فيه، وذهب أبو علي الفارسي إلى أن كونها حرفا دالّا على الجواب لا يفارقها، وأما كونها حرفا دالّا على الجزاء فقد يفارقها، فهي دالة على الجواب والجزاء في الأكثر، وقد تتمحض للدلالة على الجواب، وذلك كما لو قال لك قائل (إنّي أنا أحبك) فقلت له (إذن أظنك صادقا) فإن هذا الكلام الذي أجبت به لا دلالة له على الجزاء.
الخلاف الخامس: في بيان الشروط التي اشترطها النحاة، وبيان ما اتفقوا على اشتراطه -