[بنصب المضارع بأن مضمرة وجوبا في خمسة مواضع]
= التالي لها اسما ظاهرا، كما يجب في هذا الاسم أن يكون بعضا مما قبلها تحقيقا أو تأويلا، وأن يكون غاية في زيادة أو نقص إما حسا وإما معنى، وحتى هذه حرف عطف.
وقد مضى الكلام على الأولى من باب حروف الجر (٣/ ٤٣) كما مضى الكلام على الثانية في باب حروف العطف (٣/ ٣٢٤).
الوجه الثالث: أن تقع بعدها الجمل إما الاسمية كقول جرير:
فما زالت القتلى تمجّ دماءها ... بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل
وكقول الفرزدق:
فوا عجبا حتّى كليب تسبّني ... كأنّ أباها نهشل أو مجاشع
وإما الجمل الفعلية التي فعلها مضارع مرفوع كقول حسان بن ثابت في أبناء جفنة:
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
وإما الجمل الفعلية التي فعلها ماض، نحو قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا}.
وقد اجتمع وقوع الجملة الفعلية والجملة الاسمية بعد حتى هذه في قول امرئ القيس:
سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم ... وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان
في رواية من رفع (تكلّ) في هذا البيت، وحتى هذه حرف ابتداء، أي أنها حرف يبتدأ به الكلام ويستأنف عما قبله.
الوجه الرابع: أن يقع بعدها الفعل المضارع المنصوب، وهي موضع كلام المؤلف هنا، وقد اختلف الكوفيون والبصريون في ناصب المضارع بعدها، فقال الكوفيون:
حتى هي الناصبة للمضارع بنفسها، وقال البصريون: حتى حرف جر، والناصب للمضارع (أن) مضمرة بعدها، والمصدر المسبوك من أن ومدخولها مجرور بحتى، والجار والمجرور متعلق بما قبلها، فإذا قلت (لأقاتلن الكافر حتى يؤمن) فالكوفيون يقولون في إعرابه: حتى حرف نصب، ويؤمن: منصوب بحتى وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والبصريون يقولون: حتى حرف غاية وجر، ويؤمن: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحتى، والتقدير: حتى إيمانه، والجار والمجرور متعلق بأقاتل.
فأما الكوفيون فاحتجوا لما ذهبوا إليه بأن حتى تقوم مقام (كي) في نحو قولنا (أطع اللّه حتى تدخل الجنة) فإن معنى هذا الكلام: أطع اللّه كي تدخل الجنة، أو تقوم مقام إلى =