أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 163 - الجزء 4


= والتحضيض، والتمني، والاستفهام، فصار مجموع ما يسبق الفاء أو الواو ثمانية أشياء، ولذلك ترى النحاة حين يتحدثون عن هذا الموضوع يقولون (الأجوبة الثمانية).

وقد زاد الفراء على هذه الثمانية الترجي، وقوم يذكرون أن الترجي لا طلب فيه لأن الترجي هو ارتقاب أمر لا وثوق بحصوله.

ومما يتعلق بهذا الموضوع أن نخبرك بأن العلماء يختلفون في الاستفهام التقريري:

أيأخذ حكم النفي فينصب بعده المضارع المقترن بفاء السببية أو بواو المعية، أم لا يأخذ حكمه؟ فمنهم من ذكر أنه لا يأخذ حكمه، وذكر أن عبارة ابن مالك في الألفية تشير إلى هذا حيث يقول (وبعد فا جواب نفي أو طلب محضين) والمؤلف من هؤلاء.

ومنهم من ذكر أن الاستفهام التقريري يأخذ حكم النفي فينصب المضارع بعد الفاء أو الواو في جوابه، وقد صرح صاحب الهمع بذلك حيث يقول (لا فرق في النفي بين كونه محضا نحو {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أم لا: بأن نقض بإلا نحو ما تأتينا فتحدثنا بخير، أو دخلت عليه أداة الاستفهام التقريري نحو ألم تأتنا فتحدثنا، ويجوز في هذا الجزم والرفع أيضا) اه كلامه.

والذين ذهبوا إلى أن الفعل المضارع المقترن بفاء السببية أو واو المعية بعد الاستفهام التقريري يرفع احتجوا لهذا بأن الاستفهام التقريري يفيد ثبوت الفعل، لا نفيه، فلا تكون الفاء واقعة في جواب نفي، فيجب أن يرفع المضارع المقترن بهما، وبيان ذلك أنك إذا قلت لمخاطبك (ألم تأتني فأحسن إليك) إما أن تريد الاستفهام الحقيقي عما بعد الهمزة وهو عدم الإتيان، وتكون غير عالم بعد الإتيان وأنت تريد أن تعلمه وإما ألا تريد الاستفهام الحقيقي لأنك عالم بأنه لم يأت، وإنما أردت أن تحمل مخاطبك بهذه العبارة على الإقرار والاعتراف بإتيانه وإحسانك إليه، والمعنى: اعترف أنك أتيتني فأحسنت إليك، على حد قوله تعالى: {أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ؟} فإن المعنى: اللّه كاف عبده، ويدل على أن معنى التقرير هو ما ذكرنا قول الشيخ عبد القاهر: (معنى قولنا الهمزة للتقرير أنك ألجأت المخاطب إلى الإقرار بأمر قد كان، تقول: أضربت زيدا، ولا يكون من غرضك أن يعلمك أمرا لم تكن تعلمه، ولكن أردت أن تحمله على أن يقر بفعل قد فعله) ا ه.

ولما رأى القائلون بأن الاستفهام التقريري لا يفيد النفي فأوجبوا ألا ينتصب المضارع بعد الفاء أو الواو في جوابه - أن المضارع قد جاء منصوبا في مثل هذه الحالة ذكروا أنه =