[بنصب المضارع بأن مضمرة وجوبا في خمسة مواضع]
  محضين، نحو: {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}(١) {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ
= وكذلك لو قلت (لا تجهل علينا فنعاقبك) كان ما قبل الفاء نهيا، ولم يكن ما بعدها نهيا، وكذلك الباقي، فلما لم يكن ما بعدها موافقا لما قبلها وجب أن يكون منصوبا على الخلاف.
وأما البصريون فقالوا: إنما قلنا إن المضارع منصوب في هذه المواضع بأن المصدرية مضمرة بعد الفاء أو الواو لأنا وجدنا الفاء - ومثلها الواو - لا تصلح لعمل النصب في الفعل المضارع، بل لا تصلح للعمل مطلقا، والسبب في ذلك أن كلّا من الفاء والواو الأصل فيه أن يكون حرف عطف، والأصل في حرف العطف أنه لا يختص بالاسم ولا يختص بالفعل، بل هو مشترك بين الاسم والفعل يصح دخوله على كل منهما، ومن حق الحرف المشترك بين القبيلين ألا يعمل شيئا، فوجب تقدير ناصب غير الفاء والواو، فقدرنا أن المصدرية لأنها الأصل في عوامل النصب في الفعل، وجاز أن تعمل (أن) المصدرية النصب في هذا الموضع وهي محذوفة لأن الفاء أو الواو دالة عليها ومومئة إليها، فكأنها موجودة في الكلام بوجود ما يدل عليها، وكذلك لك ما قلنا إن (أن) المصدرية تعمل النصب وهي مضمرة بعده، مثل لام كي ولام الجحود وحتى وأو.
فأما قولكم إن ناصب المضارع هو مخالفة الجواب لما قبله فإن الخلاف لا يصلح أن يكون عاملا للنصب في الفعل، بل هو الذي دعانا إلى تقدير أن، بسبب أنه دل على أن الثاني لم يدخل في حكم الأول.
وهذا القدر من البيان كاف لأننا نبني كلامنا في مثل هذه المباحث على الاختصار.
(١) سورة فاطر، الآية: ٣٦
واعلم أن النفي يأتي على أربع صور:
الصورة الأولى: ما يكون النافي فيها حرفا من أحرف النفي كلا وما، نحو قوله تعالى:
{لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} ونحو قولك (ما تزورنا فنتحدث إليك).
الصورة الثانية: ما يكون النافي فيها فعلا، نحو قولك (ليس زيد معنا فيجازيك).
الصورة الثالثة: ما يكون النافي فيها اسما، نحو قولك (أنا غير مسافر اليوم فأصحبك).
الصورة الرابعة: أن يكون الدال على النفي فعلا موضوعا للدلالة على التقليل لكن أريد به النفي، نحو قولك (قلما تزورنا فتثلج صدورنا).
والطلب: يشمل سبعة أشياء، وهي: الأمر، والنهي، والدعاء، والعرض، =