أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 178 - الجزء 4

  الفعل؛ أي: الذي يطير⁣(⁣١).

  ولا ينصب ب (أن) مضمرة في غير هذه المواضع العشرة إلّا شاذا كقول بعضهم: (تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه)⁣(⁣٢)، وقول آخر: (خذ اللّصّ قبل


(١) اعلم أولا أن المراد بالاسم الذي ليس في تأويل الفعل - وهو المعطوف عليه بأحد الحروف الأربعة: الواو، والفاء، وثم، وأو - هو الاسم الذي لا تشوبه شائبة الفعلية، وذلك بأن يكون جامدا جمودا محضا، وقد يكون مصدرا مثل (لبس) في الشاهد ٥٠٥ و (توقع) في الشاهد ٥٠٦ و (قتل) في الشاهد ٥٠٧، وقد يكون اسما علما كما تقول (لولا زيد ويحسن إليك لهلكت) فيحسن: منصوب بأن مضمرة جوازا، وأن ومعمولها في تأويل مصدر معطوف على زيد، والتقدير: لولا زيد وإحسانه إليك لهلكت، ونظيره قولك (لولا أبوك ويعطف عليك لم تكن شيئا) ونظير ذلك قول الشاعر:

ولولا رجال من رزام أعزّة ... وآل سبيع أو أسوءك علقما

فأسوءك: منصوب بأن مضمرة، والمصدر معطوف على رجال، والتقدير: لولا رجال من رزام وآل سبيع أو إساءتي إياك، وعلقم: منادى مرخم بحذف التاء وقد عومل معاملة من ينتظر، وأصله علقمة.

ثم اعلم أنه قد تحصل لك من مجموع كلام المؤلف أن إضمار (أن) المصدرية بعد الفاء والواو وقد يكون إضمارا جائزا وقد يكون إضمارا واجبا، وذلك لأن الفاء قد تكون فاء السببية وقد تكون فاء العطف، والواو قد تكون واو المعية وقد تكون واو العطف، فإن كانت الفاء فاء السببية أو كانت الواو واو المعية كان إضمار أن بعدهما واجبا، وإن كانت الفاء أو الواو للعطف كان الإضمار بعدهما جائزا، ويلحق بهما في هذه الحالة الأخيرة ثم وأو العاطفتان، وقد رأيت في الشاهد ٥٠٦ العطف بثم، ورأيت في البيت الذي رويناه لك في مطلع هذا الكلام العطف بأو.

(٢) هذا مثل من أمثال العرب، ويروى برفع (تسمع) وبنصبه، وأتى المؤلف به هنا على رواية النصب، فإن هذا النصب بأن المصدرية محذوفة في غير موضع من المواضع العشرة السابق بيانها في وجوب إضمارها وجوازه، والذي سهل حذفها وجود (أن) أخرى في قولهم (أن تراه) ونظيره قول طرفة:

ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد الذّات هل أنت مخلدي

الرواية بنصب (أحضر) بأن المصدرية محذوفة، والذي سهل حذفها وجودها في قوله:

(وأن أشهد اللذات).