أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: وجازم الفعل نوعان:]

صفحة 183 - الجزء 4

[تنفرد لم بشيئين]

  وتنفرد (لم) بمصاحبة الشّرط، نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ}⁣(⁣١)، وبجواز انقطاع نفي منفيها، ومن ثمّ جاز (لم يكن ثم كان) وامتنع في (لمّا)⁣(⁣٢).

  وتنفرد (لمّا) بجواز حذف مجزومها، ك (قاربت المدينة ولمّا) أي: ولما أدخلها، فأما قوله:

  [٥١٠] -

  يوم الأعازب إن وصلت وإن لم


(١) سورة المائدة، الآية: ٦٧، والسر في أن (لم) تلي حرف الشرط دون (لما) أن لم لنفي الفعل الماضي، غير المقترن بقد، يقول لك القائل (قام زيد) فتقول (لم يقم) ولما لنفي الفعل الماضي المقترن بقد، يقال لك (قد قام زيد) فتقول (لما يقم) وحرف الشرط لا يدخل على قد، فلا تقول (إن قد قام زيد) لما بين حرف الشرط وقد من التناقض، فإن قد تقتضي تحقيق مدخولها وتقريبه من الحال، وحرف الشرط يقتضي أنه محتمل الوقوع ومحتمل عدم الوقوع كما يقتضي أنه مستقبل، فلما كان حرف الشرط لا يدخل في الإثبات على قد أرادوا أن يعادلوا بين الإثبات والنفي، فأجازوا دخول حرف الشرط على الفعل الذي تكون (لم) لنفيه ومنعوا دخوله على الفعل الذي تكون لما لنفيه.

(٢) إنما لم يجز أن يقال (لما يكن هذا الأمر ثم كان) لأن هذا كلام يناقض عجزه صدره، وذلك لأن معنى (لما يكن) أن عدم وجود هذا الشيء مستمر إلى زمن التكلم، ومعنى (ثم كان) أنه وجد في بعض أجزاء الزمن الماضي، ولا ريب أن في هذا من التناقض ما ليس يخفى عليك، ولهذا لو قلت (لما يكن هذا الأمر ثم إنه سيكون) كان كلاما صحيحا سائغا، لأن نفي حصول الشيء في الزمن الماضي واستمرار هذا النفي إلى زمن التكلم لا ينافي ولا يتناقض مع حصوله في الزمن المستقبل الذي تنبئ عنه السين في (سيكون).

[٥١٠] - هذا الشاهد من كلام إبراهيم بن هرمة القرشي، وهرمة: جده الأعلى، ولكنه اشتهر به، والذي أنشده المؤلف ههنا عجز بيت من الكامل، وصدره قوله:

احفظ وديعتك الّتي استودعتها

اللغة: (يوم الأعازب) هكذا هو بالعين المهملة والزاي في كل ما وقفنا عليه من الأصول، والظاهر من العبارة أنه يوم من أيام العرب، ولم أعثر على بيانه بعد البحث الطويل، ثم رأيت البغدادي يقول (يوم الأعازب لم أقف عليه في كتب أيام العرب) وزعم الشيخ خالد أنه يروى (الأغارب) بالغين المعجمة والراء المهملة ولم أعرف مأتاه، فوق أنه بعيد. =