أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[متى تغني إذا الفجائية عن الفاء؟]

صفحة 192 - الجزء 4

[متى تغني إذا الفجائية عن الفاء؟]

  ويجوز أن تغني (إذا) الفجائيّة عن الفاء، إن كانت الأداة⁣(⁣١) (إن) والجواب جملة اسميّة غير طلبية، نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ}⁣(⁣١).


= (نادما) مفعول ثان لقوله سيلفى، وجملة المضارع المبني للمجهول ومفعوليه في محل جزم جواب الشرط، وجملتا الشرط والجواب في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الشرط.

الشاهد فيه: قوله (سيلفى) حيث جاء جواب الشرط المقترن بحرف التنفيس غير مقترن بالفاء.

(١) إنما يصح اقتران جملة الجواب بإذا الفجائية - بدلا من الفاء التي هي الأصل لكونها دالة على السببية - متى استوفى الكلام أربعة شروط:

الأول: أن تكون أداة الشرط هي (إن) أو (إذا) الشرطية غير الجازمة، وذلك لأن إن أم باب الأدوات الجازمة وإذا أم باب الأدوات غير الجازمة.

الثاني: أن تكون جملة الجواب اسمية موجبة، فإن كانت جملة الجواب اسمية منفية نحو (ما عمرو بقائم) لم تقترن بإذا، فلا تقول (إن يقم زيد إذا ما عمرو بقائم) وإنما تقترن هذه الجملة ونحوها بالفاء فيقال (إن يقم زيد فما عمرو بقائم).

الثالث: أن تكون هذه الجملة الاسمية الموجبة غير طلبية، فإن كانت طلبية - بأن كانت دعائية نحو (ويل للمقصر في أداة واجبه) أو كانت استفهامية نحو (من ينصرك) فلا يجوز اقترانها بإذا، وإنما تقترن بالفاء فتقول (إن جاء يوم الحساب فويل للمقصر في أداء واجبه) وتقول (إن خذلتك فمن ينصرك).

والرابع: ألا تقترن هذه الجملة الاسمية الموجبة غير الطلبية بأن المؤكدة نحو (إن محمدا يصل رحمه) فلا يجوز أن تقترن هذه الجملة بإذا الفجائية، وتقترن بالفاء نحو (إن كنت تقطع رحمك فإن محمدا يصل رحمه).

ومثال ما استكمل هذه الشروط قوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ}، وقوله سبحانه: {إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}.

وقد اختلف النحاة في جواز الجمع بين الفاء وإذا الفجائية، والراجح جواز الجمع بينهما؛ لوروده في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ويقول الزمخشري (إذا هذه هي الفجائية، وقد تقع في المجازاة سادة مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها تعاونت على وصل الجزاء فيتأكد) اه كلامه.

(١) سورة الروم، الآية: ٣٦