أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 204 - الجزء 4


= قوله (تلتقي) وقد صرح ابن مالك في الألفية بأن وقوع الفعل المضارع شرطا للو قليل، ولكنه ورد به السماع عن العرب فقبله النحاة، ونص عبارته (ويقل * إيلاؤها مضارعا، لكن قبل) وهذا الموضوع يحتاج إلى بيان وتفصيل تتضح به حقيقته من غير أن يشوبها لبس أو يلحق بها غموض، فنقول:

اعلم أن (لو) الشرطية ليست ضربا واحدا عند جمهرة النحاة، بل هي على ضربين ولها في كل ضرب منهما معنى، كما أن شرطها يختلف في أحد ضربيها عن شرطها في الضرب الآخر:

الضرب الأول: (لو) التي يسمونها (لو الامتناعية) وهي التي تدل على تعليق فعل بفعل فيما مضى من الزمان، نحو قولك (لو زارني عليّ لأكرمته) فقد علقت إكرامك لزيد فيما مضى على زيارته إياك، وهذا الضرب يقتضي أمورا.

الأول: أن يكون شرطها ماضيا في اللفظ والمعنى، نحو (لو زرتني أمس لأكرمتك) أو ماضيا في المعنى فقط، نحو قولك (لو لم تسئ إليّ لأحسنت إليك) فإنك تعلم أن الفعل المضارع المجزوم بلم ماضي المعنى.

الثاني: أنه يلزم فيه أيضا أن يكون شرطها محكوما بامتناعه - أي عدم حصوله - إذ لو قدر الشرط حاصلا لوقع الجواب لما ذكرنا من أنه يلزم من تقدير حصول شرطها حصول جوابها، ولو حصلا لم تكن حرف امتناع كما هو وضعها، بل تكون حرف إيجاب، فأما جوابها فلا يلزم امتناعه دائما كما لزم في شرطها، بل ينظر فيه فإما أن يكون له سبب غير شرطها، وإما ألا يكون له سبب غير شرطها، فإن لم يكن للجواب سبب غير شرطها اقتضت العبارة امتناعه لامتناع سببه الذي لا سبب له سواه، نحو قولك (لو آمن لحقن دمه) ونحو قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها} ونحو قولهم (لو كانت الشمس موجودة كان النهار موجودا) وتكون (لو) حينئذ دالة على امتناع الجواب لامتناع الشرط، وإن كان لجوابها أسباب متعددة والشرط المذكور أحد هذه الأسباب لم يلزم على تقدير امتناع الشرط وعدم حصوله امتناع الجواب، لأن عدم السبب المعين لا يلزمه عدم المسبب، إذ يجوز أن يكون المسبب حاصلا وموجودا لسبب آخر غير هذا السبب المعين، ومن هذا القبيل قول عمر بن الخطاب ¥ (نعم العبد صهيب، لو لم يخف اللّه لم يعصه).

ولا تكون لو في هذه الصورة حرف امتناع لامتناع لما عرفت، ولهذا كان إطلاق قول =